تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانيًا: إذا كانت دعوة الشيخ هي الحق , كما شهد به الأستاذ وغيره , وكما هو الواقع الذي لا شك فيه , فما خالفها , فهو الباطل قطعًا , {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ}.

وليست هذه المخالفة في مسألة اجتهادية فروعية , بل في صميم العقيدة.

فهل يرى الأستاذ أن جهاد المخالف الذي أصر على مخالفته وعائد , هل يرى جهاده في سبيل العقيدة غلوًا وعنفًا وتطرفًا؟

إذا: فأين موضوع الجهاد في سبيل الله؟

وهل الشيخ وأتباعه جاهدوا إلا لأجل تصحيح العقيدة والقضاء على الشرك؟

وهل جاهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من قبل إلا لأجل هذا الغرض , فلهم فيهم القدوة؟

ثالثًا: وأما دعواه أن من سمات الدعوة تكفير المسلمين , فلنترك الجواب عنها للشيخ محمد بن عبد الوهاب نفسه.

قال - رحمه الله - في رسالته إلى السويدي- عالم من أهل العراق كان قد أرسل إليه كتابًا , وسأله عما يقول الناس فيه- فأجابه بهذه الرسالة ومنها:

" وأخبرك أني ولله الحمد متبع , ولست بمبتدع , عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين , مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة , لكني بينت للناس إخلاص الدين لله , ونهيتهم عن دعوة الأحياء والأموات من الصالحين وغيرهم , وعن إشراكهم فيما يعبد الله به من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل , وهو الذي دعت إلى الرسل من - أولهم إلى آخرهم وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة. . ".

إلى أن قال - رحمه الله -:

" ومنها ما ذكرتم أني أكفر جميع الناس إلا من اتبعني , وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة , ويا عجبًا‍ كيف يدخل هذا في عقل عاقل؟ هل يقول هذا مسلم؟ إني أبرأ إلى الله من هذا القول الذي ما يصدر إلا عن مختل العقل ".

ثم قال:

" وأما التكفير , فأنا أكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه , ونهى عنه , وعادى من فعله , فهذا هو الذي أكفره , وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك " اهـ.

وقال - رحمه الله - في رسالة له:

" وأما ما ذكر لكم عني , فإني لم آته بجهالة , بل أقول- ولله الحمد والمنة , وبه القوة: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

ولست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم , مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم , بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له , وأدعو إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها أول أمته وآخرهم , وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني , بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم من الحق , لأقبلنه على الرأس والعين , ولأضربن الجدار بكل ما خالفه من أقوال أئمتي حاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يقول إلا الحق " اهـ ,.

فهذا منهج الدعوة , يصفه لنا إمام الدعوة نفسه - رحمه الله - , فهل في هذا غلو وتطرف وتكفير لجميع المسلمين كما زعم ذلك خصومه؟

إنه يجب عليك أيها الأستاذ أن تحاسب نفسك على ما تقول وتكتب , ولا ترسل القول جزافًا , وأن تتثبت قبل أن تصدر الحكم، عملًا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.

رابعًا: وأما دعواه أن كتب علماء الوهابية تشمل على تكفير المسلمين إلا من كان يدية بدعوتهم , فنحن نطالبه أن يبرز لنا كتابًا واحدًا من كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب أو من كتب أبنائه وأحفاده وكتب تلاميذهم. . إلى يومنا هذا يصدق ما نسبه إليهم من تكفيرهم للمسلمين.

وبالجملة , فالأستاذ وصف دعوة الشيخ بصفات مذهب الخوارج: الغلو , والتطرف , والعنف , وتكفير المسلمين , وحصر الإسلام فيهم.

من أين استقى هذه المعلومات الخاطئة عن الدعوة؟

لا بد أنه استقاها من كتب خصومها , وما هذا شأن الباحث المنصف , فضلًا عن العالم المسلم الذي يعلم أنه سيحاسب بين يدي الله عن كل كلمة يقولها أو يكتبها، {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير