ويا سبحان الله إن الذي يؤذي الرسول حقيقة هو الذي يجعل قبره وثنًا يعبد , ويرتكب ما نهى عنه , أو يدافع بلسانه وقلمه عمن يفعل ذلك.
وقوله: " وكان ذلك هو الذي أثار ثائرة المسلمين في كل مكان. . " إلخ قول فيه مجازفة وتقول على المسلمين , فالمسلمون بالمعنى الصحيح يؤيدون علماء الدعوة في ذلك ولا ينكره إلا الجهال الذين لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه أما المعاندون من عباد القبور وهؤلاء وأولئك لا اعتبار لإنكارهم في ميزان الحق ومجال النقد.
ثم الداعية إلى الحق لا بد أن يعادى وتحاك ضده التهم، ولنا بما جرى لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبما جرى لإخوانه النبيين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وما جرى على أتباعهم، لنا في ذلك أكبر أسوة وأعظم عبرة.
ثم إن الأستاذ أراد أن يلطف الموضوع ويغطي ما مر في كلامه من شطحات فقال:
" إن هذه الأمور " يعني: الأمور التي أنكرها الشيخ " بمنزلة ورم خبيث يحتاج إلى يد نطاسي بارع للقضاء عليه "!!
9 - ثم قال:
" ولو أن الوهابية قد أخذت الأمر مأخذًا هينًا ودعت أول ما دعت إلى ترك البدع الصارخة، كالزار وغير ذلك مما كان يعيش عليه كثير من المسلمين في ذلك الحين , لو أن الوهابيين فعلوا هذا، لكان تمهيدًا طيبًا ومقدمة ناجحة لما تنطوي عليه دعوتهم من تحرير العقل الإسلامي وتحرير العقيدة الإسلامية مما غشيها من جهل وضلال ".
- هكذا يرى الأستاذ طريقة الدعوة الناجحة أن يترقى بها من الأدنى إلى الأعلى، بحيث يبدأ بإنكار البدع أولا ثم بإنكار الشرك.
ولنا على ذلك ملاحظتان:
الأولى: عده التمائم من البدع، مع أنها قد تكون شركًا إذا اعتقد معلقها أنها تدفع الشر بذاتها، وكذلك إذا كان فيها ألفاظ شركية، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) رواه أحمد وأبو داود.
الثانية: أن هذه الطريقة التي وصفها للدعوة مخالفة لطريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فالرسول أول ما بدأ بإنكار الشرك، فلبث في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد وإنكار الشرك قبل أن يأمر بالصلاة والزكاة والصيام والحج، والنهي عن البدع إنما يكون بعد صلاح العقيدة، بحيث يبدأ بالأهم فالمهم، بل هذه طريقة جميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، كل نبي أول ما يبدأ قومه بقوله:
{يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}
ـ[أبو الفهد العرفي]ــــــــ[16 - 08 - 09, 01:05 م]ـ
10 - يتكلم الأستاذ عن الاستعانة بالمخلوق فيقول في (ص101 - 102): " إن الإنسان الذي يؤمن بالله ويضم قلبه على توحيد لا يخلو أبدًا في حالات مختلفة من أن ينظر من غير قصد إلى غير الله فيما يطرقه من أحداث ذلك في الوقت الذي لا يخلو فيه قلبه من ذكر الله والإيمان بتفرده بالألوهية، ونحن نرى أن مثل هذه الالتفاتات العارضة لا يمكن أن تقطع الطريق على المسلم وأن تعزله عن ربه، وتسلكه في عداد الكافرين الملحدين، كما تقول بذلك الدعوة الوهابية، فأي إنسان لا تخف نفسه من غير قصد إلى التماس العون من ذوي الجاه وأصحاب السلطان؟. "
إلى أن قال:
" فهل لو ألقي مسلم اليوم في النار ثم جاءه أحد يمد إليه يد الخلاص، أيكون هذا المسلم كافرًا أو ملحدًا إذا قبل العون؟!
إن التوحيد الخالص على الوجه الذي تصوره الدعوة الوهابية يحتم على مثل هذا الإنسان ألا يستعين بغير الله.
فكيف الأمر إذن وصاحب الدعوة نفسه قد مد يده إلى أمير العيينة أولًا، ثم إلى الأمير محمد بن مسعود ثانيًا؟!
فهل في هذا ما ينقص التوحيد أو يفسد العقيدة؟! فإن الأخذ بالأسباب أمر يدعو إليه العقل، ويزكيه الدين، وغاية ما في الأمر أن يضل بعض الناس عن جهل عن الاتجاه إلى الأسباب السليمة المتصلة بالمسببات، وذلك ما يمكن أن نفسر به تعلق بعض الجهلة بالأضرحة ونحوها، إنهم ضلوا الطريق فلم يتعرفوا على الأسباب الصحيحة ومثل هذا يوصف بالكفر والخروج عن الدين " ا هـ.
- وقد كرر الأستاذ كلمة " من غير قصد فهل مراده أن هذه الأشياء التي ذكرها تصدر من نائم أو ناس أو مجنون أو غير مميز أو مكره؟! فكل من هؤلاء مرفوع عنه القلم بنصوص الأحاديث، فلا داعي إلى هذا التطويل.
وماذا قصده بالالتفاتة العارضة إلى غير الله التي تنسب إلى الدعوة الوهابية تكفير من فعلها؟!
¥