تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وآمل ألا يقول أخي الدكتور لطف الله أني -بكلامي هذا- لم أحترم تخصصه في دراسة التصوف. لأن الاحترامَ شيءٌ يجب ألا يقدم على الحقيقة العلمية القريبة الواضحة التي لا يتعب الباحث في الوقوف عليها.

فحين يكون هناك نص في (الرسالة القشيرية)، ويريد باحثٌ ما أن يتتبع موقف العلماء منه. فمن أقرب المراجع التي كان المفترض -من المبتدئ فضلاً عن المتخصص- أن يراجعها؛ شروح الرسالة القشيرية نفسها. هذا من البديهيات.

ففي حين يزعم أخونا د. لطف الله أن أحداً لم يعترض على كلام القشيري، نجد في (شرح الرسالة القشيرية) للشيخ الصوفي زكريا الأنصاري تعليقاً لا أدري كيف فات د. لطف الله الوقوف عليه.

فحين قال القشيري: (لكن القوم لم يختصوا بلبس الصوف). تعقبه الأنصاري فقال: (لكن هذا لا يضر، لأن الحكم للغالب، والغالب عليهم لبسه، والاكتفاء به، وإنما اختاروا لبسه لأنه أرفق بهم ولأنه لباس الأنبياء والصالحين).

وحينما قال القشيري: (أشهر من أن يُحتاج في تعيينهم إلى قياس لفظ واشتقاق) تعقبه معترضًا فقال: (وأنت خبير بأن شهرتهم لا تغني عن بيان اشتقاق اسمهم).

وممن تعقب القشيري أيضًا من أئمة الصوفية علي الهروي البسطامي (875هـ) في كتابه المخطوط (حل الرموز و مفاتيح الكنوز في شرح رسالة السهروردي) فبعد أن عرض الآراء في نسبة التصوف، ذكر مقولة القشيري (أن الصوفية لم يختصوا بلبس الصوف) فتعقبها وأورد عليه أن الصوف لباس الأنبياء والأولياء والمتصوفة وساق الروايات.

ومن المعاصرين: قال الشيخ الصوفي صلاح الدين التيجاني في (الكنز) بعد ذكره كلامًا للقشيري، قال: (أما اشتقاقها فالصحيح لغويًا أنها نسبة إلى الصوف، وذلك أنَّ هؤلاء الزهاد والعباد كانوا يلبسون الصوف، إذ كان من علامة الزهد آنذاك).

وقال الصوفي المعاصر –شيخ مشايخ الطريقة الغنيمية- أبو الوفا الغنيمي التفتازاني رادًا كلام القشيري بعد عرضه: (والأصوب أن يُقال: إن اشتقاق كلمة صوفي هو من الصوف، فيقال: تصوف الرجل إذا لبس الصوف، وكان الصوف شعارًا للعباد والزهاد لأول نشأة الزهد، وكثير من الصوفية أنفسهم يذهبون إلى هذا الرأي).

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف جزمَ أخونا د. لطف الله وأطلق القول بأنه: لم يسمع بإمام صوفي، لا من معاصري القشيري، ولا من أتى بعده، انبرى للرد على كلامه، وأنهم سكتوا موافقين ومقرين له، وأنه لم يعترض أحد من المتصوفة بإنكار على هذا التقرير، لا من المعاصرين لهما، ولا من اللاحقين؟

مثل هذا المنهج من أخينا د. لطف الله هو ما كنت أرغب في مناقشته معه. فقد رأيت في كلامه مجازفاتٍ وإطلاقاتٍ كبيرةً تفتقر للحد الأدنى من التحقيق والتحرير. ثم تأتي البلية حين تجعل هذه الإطلاقات مقدماتٍ لنتائج وأحكام تشتمل على ما ينافي العدل و الإنصاف.

والله أعلم ..

عايض بن سعد الدوسري

(يتبع بإذن الله الحلقة الثانية).

ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[25 - 08 - 09, 04:54 ص]ـ

حياكم الله يا شيخ عائض ونفع الله بك.

أحببت أن أحييك بين إخوانك، ولي عودة لقراءة موضوعك.

سعدتُ وسعد الملتقى بك أيها الشيخ المفضال.

ـ[محمد البيلى]ــــــــ[25 - 08 - 09, 05:22 ص]ـ

الدكتور لطف الله من المشاركين على المنتدى، لعل الله ييسر له نقاش الأخ الفاضل.

ـ[عايض الدوسري]ــــــــ[25 - 08 - 09, 04:29 م]ـ

أخي الفاضل الشيخ أبو إبراهيم الحائلي وفقه الله

الله يحييك ويبارك فيك وأشكرك على لطيف كلماتك وترحيبك، وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وبانتظار ملاحظاتك السديدة.

ـ[حارث همام]ــــــــ[26 - 08 - 09, 12:40 ص]ـ

شكر الله لك يا شيخ عايض ..

ومقالتك دعتني للبحث في أوراقي القديمة عن تعقيب كتبه على الشيخ المفضال الذي نحبه في الله لجهوده المباركة لطف الله خوجه ومخالفتنا له في جزئية لا تنقص من مقامه عندنا حفظه الله وعظم النفع به.

وكنت قد خشيت أن تكون المقالة سبباً يتقوى به أهل البدعة وبعض المنحرفين في ذلك الجدل فأحجمت عن نشرها.

أما الآن وقد طال الأمد وهدأت النفوس فلعله لا بأس من تعليقها في هذا المقام، فنحن هنا نخاطب من يعي ويفهم ...

وقد كان من جملة ما كتبت ما يلي نصه:

....

....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير