تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

زهد، تقشف، تقلل من الدنيا، انقطاع من اللذات والشهوات وقريب من الرهبنة، والانقطاع الكلي في كثير منهم" [النقول مأخوذة من موقع فضيلته].

- ولأجل هذا نص أبونعيم على ذكر المتصوفة من قرون الصحابة والتابعين وتابيعهم، قال الشيخ رحمه الله فمباني المتصوفة المتحققة في حقائقهم على أركان أربعة: معرفة الله تعالى، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله، ومعرفة النفوس وشرورها ودواعيها، ومعرفة وساوس العدو ومكائده ومضاله، ومعرفة الدنيا وغرورها وتفنينها وتلوينها وكيف الاحتراز منها والتجافي عنها، ثم ألزموا أنفسهم بعد توطئة هذه الأبنية دوام المجاهدة وشدة المكابدة وحفظ الأوقات واغتنام الطاعات ... إلخ [حليلة الأولياء 20/ 476].

والدعوة إلى التوحيد وهذه الأمور معروفة عن متقدميهم مشهورة لاتنكر ولهذا قال شيخ الإسلام [الأصفهانية 1/ 173]: " حتى ذكر ذلك" يعني ما أشار إليه من كلام الجنيد في التوحيد، "أبو نعيم الحافظ في أول حلية الأولياء، وأبو القاسم القشيري في رسالته، دع من هو أجل منهما، وأعلم منهما بطريق الصوفية، وأقل غلطا وأبعد عن الاعتماد على المنقولات الضعيفة والمقولات المبتدعة".

-- وأخيراً "لم أجده" لايعني عدمه ولاسيما أن سير المتقدمين ممن يجمع المتصوفة على أنهم أئمتهم –كأمثال من ذكرهم القشيري في أول رسالته وعدهم كذلك السلمي وأبو نعيم وغيرهم- شاهدة لصحته، وإذا تأملت السير أو تاريخ الإسلام أو البداية والنهاية ونحوها لوجدت أن الزهد أبرز وصف ثناء يضفى على أهل الفضل من رجالات المتصوفة.

المستند الثالث: تعريف التصوف بأنه خلق وسلوك.

ثم ذكر الشيخ وفقه الله أن المستند الثالث لمن يقول بوجود تصوف معتدل هو تعريف التصوف بأنه خلق وسلوك، والخلق والسلوك مشروع. إلاّ أنه زعم أن الصوفية يفسرون السلوك والخلق بأنه التخلق بأخلاق الله ثم ذكر تفسير هذه الأخيرة بما حاصله مشاكلة الصفات الإلهية والفناء عن الصفات البشرية والبقاء بالصفات الإلهية ففسره بالفناء عن وجود السوى، الذي تقول به الحلولية أو الاتحادية.

وهذا القول بهذه الصفة التي تؤول إلى الحلول والاتحاد كفر كما قرر شيخ الإسلام في غير موضع، فنسبته إلى الصوفية رمز إلى تكفيرهم بالجملة خاصة وأنه لا تأول سائغ ولاجهل معتبر لمن يقول بالحلول والاتحاد.

وفي ما ذكره الشيخ وفقه الله ثلاث مغالطات:

أولها تفسيره الخلق والسلوك بما ذكر.

وثانيها تفسيره العبارة التي ذكر –التخلق بأخلاق الله- وهي مجملة بما حاصله الفناء عن وجود السوى مع أن بعضهم ذكروا أن مرادهم شيئاً آخراً وسأتي.

وثالثها نسبته هذا القول إلى أئمة التصوف ليشمل ذلك المتقدمين من أهل الاعتدال.

وجميع هذه الثلاثة لايقول بها المتقدمون من أرباب التصوف المعتدل الذين هم من جملة أهل السنة، بل نصوصهم على خلافها.

ولعلي أبدأ الرد بذكر ما يعنونه بالأخلاق والسلوك من كلام أئمتهم. ثم أعلق ما ذكره الشيخ هنا.

أما كلامهم في الأخلاق فقد نقل القشيري عن الكناني قوله: "التصوف خُلق، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الصفاء" وتروى التصوف، فبم يفسرون هذه الأخلاق، نقل القشيري عن محمد بن علي القصاب قوله: "التصوّف: أخلاق كريمة ظهرت في زمان كريم من رجل كريم مع قوم كرام وقد ذكر نحوه صاحب الحلية عن سري السقطي فقال: "سمعت أبا الفضل نصر بن أبي نصر يقول: سمعت علي بن محمد المصري يقول: سئل السري السقطي عن التصوف، فقال: التصوف خلق كريم، يخرجه الكريم إلى قوم كرام".

ونقل أيضاً عن شاه الكرماني قوله: علامة حسن الخلق: كف الأذى، واحتمال المؤن.

فهذا هو الخلق الذي يدعو إليه مصيبهم. بالإضافة إلى نهيهم عن الرذيل من الخلال.

كما قال أبو الحسين بن بنان: "اجتنبوا دناءة الأخلاق كما تجتنبون الحرام".

قال القشيري: " وأعلم أن الذي يتصف به العبد: أفعال، وأخلاق، وأحوال.

فالأفعال: تصرفاته باختياره.

والأخلاق: جبلةَّ فيه، ولكن تتغَّير بمعالجته على مستمرِّ العادة.

والأحوال: ترد على العبد على وجه الابتداء، لكن صفاؤها بعد زكاء الأعمال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير