تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال بعد أن ذكر طائفة من جهالهم قبلها ص124: "وأهل الاستقامة منهم سلكوا على الجادة ولم يلتفتوا إلى شيء من الخواطر والهواجس والإلهامات حتى يقوم عليها شاهدان قال الجنيد قال أبوسليمان الداراني: ربما تقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين من الكتاب والسنة".

وأمر آخر هو أن متقدمي أئمة الصوفية كانوا ينصون على أن ماهم عليه طريقتهم وليس سلوكاً أو منهجاً خاصاً بهم، وأن من خالفها ليس منهم، ونصوصهم في ذلك مشهورة وكثيرة وإليك منها:

- قال الجنيد: مذهبنا هذا مقيد بالأصول بالكتاب والسنة فمن لم يحفظ الكتاب ويكتب الحديث ويتفقه لا يقتدى به. [وفي هذا المعنى له أقوايل كثيرة ذكرها في تاريخ بغداد وذكرها أبونعيم في ترجمته]. وعلق تاج الدين السبكي: "ونرى أن طريق الشيخ الجنيد وصحبه مقوم".

- وقال أبو الحسين النوري من رأيته يدعي مع الله حالة تخرجه عن حد العلم الشرعي فلا تقربه، ومن رأيته يدعي حالة لا يشهد لها حفظ ظاهره فاتهمه على دينه.

- وقال الجريري: أمرنا هذا كله مجموع على فصل واحد؛ أن تلزم قلبك المراقبة، ويكون العلم على ظاهرك قائماً.

- وقال أبو حفص الكبير الشان: من لم يزن أحواله وأفعاله بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره فلا تعدوه في ديوان الرجال.

- وقال سهل التستري: أصول مذهبنا ثلاثة: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأخلاق والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النيّة في جميع الأفعال.

- وحكوا عن الرفاعي: كل طريقة تخالف الشريعة فهي زندقة. وقال: كل حقيقة ردتها الشريعة فهي زندقة، إذا رأيتم شخصًا تربع في الهواء فلا تلتفتوا إليه حتى تنظروا حاله عند الأمر والنهي. وقال: سلم للقوم أحوالهم ما لم يخالفوا الشرع، فإن خالفوا الشرع فكن مع الشرع.

- وقال أبو بكر الدقاق: من ضيع حدود الأمر والنهي في الظاهر حرم مشاهدة القلب في الباطن.

- وقال الحاكم عن نصر بن محمد بن أحمد بن يعقوب بن أبي نصر الطوسي العطار: "هو أحد أركان الحديث بخراسان، مع ما يرجع إليه من الزهد والسخاء، والتعصب لأهل السنة"، ثم قال: "وأما في علوم الصوفية وأخبارهم ولقي شيوخهم وكثرة مجالستهم، فإنه توفي ولم يخلف بخراسان مثله في التقدم واللقي". وهو من أصحاب الشبلي المعروف.

- بل حتى الغزالي من المتأخرين يقول في رسالته أيها الولد: "أيها الولد: ينبغي لك أن يكون قولك وفعلك موافقاً للشرع، إذ العمل بلا اقتداء الشرع ضلالة، وينبغي لك أن لا تغتر بالشطح وطامات الصوفية، لأن سلوك هذا الطريق يكون بالمجاهدة، وقطع شهوة النفس وقتل هواها بسيف الرياضة، لا بالطامات والترهات". ويقول أيضاً: "اعلم أن التصوف له خصلتان: الاستقامة مع الله تعالى، والسكون مع الخلق: فمن استقام مع الله عزوجل، وأحسن خلقه بالناس، وعاملهم بالحلم فهو صوفي. والاستقامة أن يفدي حظ نفسه على أمر الله تعالى. وحسن الخلق مع الناس أن لا تحمل الناس على مراد نفسك، بل تحمل نفسك على مرادهم، ما لم يخالفوا الشرع".

- بل ذكر الشعراني [وقد كانت له مشاركة في العلوم فلا أدري كيف ذكر في طبقاته بعض تلك المخازي والترهات] ذكر في مقدمة طبقات الصوفية له إجماع أهل التصوف على أنه لا يصلح للتصدر في طريق الصوفية إلا من تبحر في علم الشريعة وعلم منطوقها ومفهومها وخاصها وعامها وناسخها ومنسوخها ...

- قال الجنيد: قال أبو سليمان الداراني: ربما يقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين من الكتاب والسنة.

- وقال أبو يزيد البسطامي: من ترك قراءة القرآن ولزوم الجماعات وحضور الجنائز وعيادة المرضى وادعى بهذا الشأن فهو مدع. وقال لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يتربع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود.

- وقال سري السقطي: من ادعى باطن علم ينقضه ظاهر حكم فهو غالط.

- وينقلون عن الشيخ عبدالقادر الجيلاني جوابه لسائل: هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل؟ فقال: لا كان ولايكون. وقد قال عنه ابن رجب في آخر ترجمته: وللشيخ عبدالقادر كلام حسن في التوحيد والصفات والقدر.

وأخيراً فإن الأسماء التي أشرت إليها هنا جلهم ذكر التصوف، وتحدث عن طريقتهم، ونقل كلامهم فيه أمثال القشيري وأضرابه، وجميع متأخري الصوفية لا يخالفون في ادعاء أن أولئك أئمتهم، فبأي منطق يقال بعدها إن أولئك لايمثلون التصوف الأول؟ وبأي حجة يقال إن التصوف كله باطل، وهل يحق لأحد أن يزعم بأن التصوف الصحيح هو عين الوحدة!

ـ[عايض الدوسري]ــــــــ[26 - 08 - 09, 02:01 ص]ـ

أخي الشيخ الفاضل حارث همام .. حفظه الله

بارك الله فيك على هذا التعقيب المبارك والبحث الرائق، فقد حوى فوائد جمة.

الحق مقصود لذاته، وأهل السنة والجماعة هم أهل الحق وأهل العدل، وأكبر وأعظم سبيل لأهل الأهواء وأهل البدع حينما يقع الباحث السني في الظلم والضعف العلمي.

قلتَ أيها الفاضل: (فالحكم بوجود تصوف صحيح من عدمه ليس فرعاً عن نسبة التصوف إلى الصوف أو غيره، وهي النسبة التي رجح اختيارها شيخ الإسلام، فلا يقال إن كانت النسبة صحيحة فإن ذلك يعني وجود تصوف صحيح، وإن كانت النسبة خاطئة فإن ذلك يعني أن التصوف كله باطل! وبهذا يظهر أن ما زُعم مستنداً أولاً ليس بمستند يفيد نفيه أو إثباته كبير شيء، وإنما الجدل فيه صراع خارج الحلبة).

أقول: اتفق معك تمامًا وهذا هو الصحيح، لكن د. لطف الله رأى أن أول أساس في المسألة هو ذلك -وهو غير صحيح- لكنني سرتُ في تعقيباتي النقدية على منوال ما التزمه الدكتور، لنبين بالنقد العلمي بطلان هذا الكلام من أصله، فإذا بطل عاد البطلان لهذا التأسيس.

وقلتَ بارك الله فيك: (وأما رده بسبب أن أئمة التصوف المتقدمين لم يجد الشيخ عندهم من أشار إلى لفظ الزهد فعليه عدة مآخذ: أولها قصور البحث فما لم يجده الشيخ وجده غيره).

أقول: من يقرأ ما كتبه الأخ د. لطف الله في موضوع التصوف -وهو تخصصه- يجد ما ذكرته بوضوح، ولعل ما كتبتُه في التعليقات النقدية (1) وما سيتبعها بإذن الله خير مثال على ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير