تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقال: لا يصلى خلفه، أما لو صليتُ خلفه لأعدت. وروى أيضاً عن سيار أبي الحكم رحمه الله أنه كان يقول: لا يصلى خلف القدرية، فإذا صلى خلف أحد منهم أعاد الصلاة. نفس المرجع. و عن سلام بن أبي مطيع رحمه الله أنه سئل عن الجهمية فقال: كفار ولا يصلى خلفهم. وروي أن الإمام مالك -رحمه الله- سئل عن الصلاة خلف الإمام القدري فقال: إن استفتيت فلا تصل خلفه، فقال السائل ولا الجمعة؟ قال: ولا الجمعة، وأرى إن كنت تتقيه وتخافه على نفسك أن تصلى معه وتعيدها ظهراً. وقال أبو يوسف القاضي- رحمه الله-: لا أصلي خلف جهمي ولا رافضي ولا قدري. وروي أن عبد الله بن إدريس رحمه الله سئل عن الجهمية هل يصلى خلفهم؟ فقال: أمسلمون هؤلاء؟ لا، ولا كرامة لا يصلى خلفهم. وقال كيع بن الجراح رحمه الله في الجهمية: لا يصلى خلفهم. وعن يحيى بن معين أنه كان يعيد صلاة الجمعة مذ أظهر المأمون ما أظهر، يعني القرآن مخلوق. وعن أبي ثور سئل عن القدرية فقال: القدرية من قال إن الله لم يخلق أفاعيل العباد وأن المعاصي لم يقدرها على العباد ولم يخلقها فهؤلاء قدرية، لا يصلى خلفهم ولا يعاد مريضهم ولا تشهد جنائزهم ويستتابون من هذه المقالة فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم. وذكر أبو داود في مسائله عن الإمام أحمد -رحمه الله -: أنه سأله عن حكم صلاة الجمعة أيام كان يصلي الجمع الجهمية، قال: أنا أعيد متى ما صليت خلف أحد ممن يقول القرآن مخلوق فأعد. وروى ابن أبي يعلى- رحمه الله-، أن الإمام أحمد سئل عن الصلاة خلف المبتدعة فقال: أما الجهمية فلا، وأما الرافضة الذين يردون الحديث فلا. و ثبت عن معاذ بن معاذ أنه قال: "صليت خلف رجل من بني سعد ثم بلغني أنه قدري فأعدت الصلاة بعد أربعين سنة أو ثلاثين سنة". ويقول الإمام البربهاري رحمه الله: "والصلوات الخمس جائزة خلف من صليت إلا أن يكون جهمياً فإنه معطل وإن صليت خلفه فأعد صلاتك". إلى غير ذلك من الآثار المروية عن السلف في هذا المعنى. وهي دالة في مجموعها على اتفاق السلف رحمهم الله على عدم جواز الصلاة خلف من كفر ببدعته من أهل البدع: كالقدرية والجهمية والرافضة، وهكذا الحكم في الصلاة خلف كل من حكم بكفره من أهل البدع من غير هؤلاء: أن الصلاة خلفهم باطلة وغير صحيحة ومن صلى خلفهم أعاد الصلاة سواء كان صلاة جمعة أو عيد أو غيرهما من الصلوات الخمس. لكن ينبغي التنبيه هنا على أن تكفير السلف لبعض فرق أهل البدع من القدرية والجهمية والرافضة، هو من باب التكفير المطلق، ولا يستلزم تكفير كل أفراد هذه الفرق، بل يتوقف في تكفير الشخص المعين منهم فلا يكفر حتى تثبت الحجة عليه بالكفر. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-: "أن الإمام أحمد لم يكفر أعيان الجهمية ولاكل من قال إنه جهمي كفره، ولا كل من وافق الجهمية في بعض بدعهم، بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا إلى قولهم وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة ولم يكفرهم أحمد وأمثاله".

فظهر بهذا العرض لأقوال السلف في مسألة حكم الصلاة خلف المبتدع الكافر، اتفاق السلف قاطبة على عدم صحة الصلاة خلف من حكمنا بكفرهم من أهل البدع وأن على من صلى خلفهم إعادة الصلاة لبطلانها. غير أن هاهنا مسألة لابد من الإشارة إليها وهي هل ينهى عن أداء الصلوات خلفهم؟ أو يؤمر بأدائها ثم إعادتها؟ كان بعض الأئمة يرى أداء الجمعة خلفهم خاصة ثم إعادتها كما هو ظاهر من بعض الآثار المتقدمة عنهم كالأثر المروي عن يحيى بن معين رحمه الله أنه كان يؤدي صلاة الجمعة خلف الجهمية ثم يعيدها، و كذلك الإمام أحمد رحمه الله صرح بأنه يعيدها وأمر بإعادتها خلفهم، مما يدل على أنه كان يشهدها معهم، وقال الإمام البربهاري رحمه الله: وإن كان إمامك يوم الجمعة جهمياً وهو سلطان فصل خلفه وأعد صلاتك. وإنما قال السلف بشهودها معهم لعموم أمر الله بإجابة ندائها في قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير