فكل تقرب يخرج عن الأسباب الحسية التي سخرها الله للبشر إن صرف لغير الله فهو عبادة لغيره فالدعاء ما دام أنه كان لميت أو غائب أو حي فيما لا يقدر عليه إلا الله فقد خرج عن دائرة الأسباب الحسية التي سخرها الله ودخل في نطاق العبادة.
وقد أجمع المسلمون على أن من سجد للشمس والقمر أو للصنم أو للقبر فقد عبدها وإن لم يعتقد فيها النفع والضرر استقلالا.
ــــــــ المسلم كي يكون موحدا يجب أن يفرد الله بصفاته التي منها العلم والقدرة والسمع والبصر فلا يجوز له أن يعتقد في ميت أو حي أنه يعلم الغيب أويسمع كسمع الله أويبصر كبصره أويقدر كقدرته أو قريبا منها وقد جاء في صحيح البخارى - (ج 15 / ص 407) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"فَقَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى مَا عِلْمُكَ وَعِلْمِى وَعِلْمُ الْخَلاَئِقِ فِى عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ مِقْدَارُ مَا غَمَسَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنْقَارَهُ" وكنت أتمنى في الحوار أن يكون لفت أنظار لهذا الحديث العظيم الذي يجتث جذور الشرك من القلوب.
ـــــ وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر؛ فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: أعينوا عباد الله".
هذا حديث ضعيف وهو في غير محل النزاع لأن النزاع في دعاء الميت أو الغائب أو الحي فيما لا يقدر عليه إلا الله.
وهذا يدل على أن من عمل به من العلماء لم يبح دعاء غير الله كما زعم بعضهم
ــــ ومما احتجوا به على جواز دعاء غير الله حديث: " حياتي خير لكم، تحدثون وتحدث لكم، ووفاتي خير لكم، تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير، حمدت الله عليه وما رأيت من شر، استغفرت الله لكم" رواه البزار.
هذا الحديث ضعيف وهو مخالف لقوله تعالى: "وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شهيد "
وهو مخالف أيضا لحديث الصحيحين:
عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني فرطكم على الحوض من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم فأقول إنهم مني. فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك؟ فأقول سحقا سحقا لمن غير بعدي. متفق عليه. (متفق عليه)
ومع ذلك فيه أنه صلى الله عليه وسلم يستغفر لنا بدون طلب منا فهو كاستغفار الملائكة لنا واستغفار الملائكة لنا لا يجوز لنا أن نطلبه منهم لأنه خارج عن الأحكام الدنيوية وهو حاصل لنا بدون طلب منا.
ــــــ وذكر بعضهم محتجا على إباحة دعاء غير الله بما روي
عن عبد الرحمن بن سعد قال: خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل اذكر أحب الناس إليك فقال محمد [الأدب المفرد].
هذا الحديث ضعيف ومع ضعفه لا يدل على إباحة الاستغاثة بغير الله لأنه مجرد ذكر لاسم المحبوب عند الخدران وليس طلبا منه فهو لم يطلب منه
ــــــ وقد احتج بعضهم على جواز دعاء غير الله بقول المصلي في صلاته السلام عليك أيها النبي ودعاء الرجل الضرير الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه الدعاء
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ:» أَنَّ رَجُلا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ ×، فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يُعَافِيَنِي.فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ لَكَ وَهُوَ خَيْرٌ، وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ فَقَالَ: ادْعُهْ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَدْ تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ [وشَفّعني فيه] «رواه أحمد
والترمذي وابن ماجه ().
¥