تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن حقيقة اللحيدي وكونه دجالا أفاكا مما لا يخفى على من عنده أقل قدر من العقل، لأن ما يدعيه اللحيدي لا يمكن لعاقل أن يصدقه. ولهذا لم يصدقه بعد هذه المدة الطويلة، والسنين الكثيرة إلا أفراد قلائل جدا، لا يخلو أكثرهم من مرض نفسي أو سفه في العقل، ومن لم يكن كذلك فله مطمع مادي يحصله من اللحيدي ومن يدعمه من أعداء الإسلام؛ فإنهم ينفقون بسخاء على من يخدمهم، ويحقق أهدافهم في هدم الإسلام، أو أن اللحيدي وعدهم بمنصب كبير إذا تولى الحكم في بلاد المسلمين على مامناه به أعداء الإسلام.

وأولئك الأفراد القلائل الذين اتبعوا اللحيدي لا يزالون في تناقص، ولا نزال بين الحين والآخر نسمع بتوبة بعضهم ورجوعهم إلى دين الإسلام، ولله الحمد. وماتناقصُ عدد أتباع اللحيدي إلا علامة على كذبه؛ فقد جاء في حديث هرقل الذي سأل فيه أباسفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حتى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فيه فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حين تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ (رواه البخاري).

ولم نجد أحدا من أهل العلم في هذا الزمان الذين يأخذ المسلمون عنهم الدين يشك في أن اللحيدي دجال من الدجالين. وكيف لا تقبل شهادة علماء هذا الزمان بأن اللحيدي دجال، وقد روى البخاري رحمه الله عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ: "وَجَبَتْ" ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا أَوْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَالَ: "وَجَبَتْ " فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لِهَذَا وَجَبَتْ، وَلِهَذَا وَجَبَتْ؟ قَالَ:" شَهَادَةُ الْقَوْمِ. الْمُؤْمِنُون شهداء الله فِي الْأَرْضِ ". قال ابن حجر: "شهادة القوم " هُوَ مُبْتَدَأ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيره مَقْبُولَة، أَوْ هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيره: هَذِه شهادة القوم.

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الدجالين فقال: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَث دجالون كذابون قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ" متفق عليه. ولاحظ كلمة (يبعث) , (يزعم أنه رسول الله) فاللحيدي يزعم أنه رسول الله، وأنه بُعث. فيستعمل الألفاظ نفسها التي عبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجالين.

ولم يستعمل النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كلمة "نبي"، وإنما قال "رسول"، فحذر من الدجالين الذين يزعم أحدهم أنه رسول الله، وإن لم يَدَّعِ أنه نبي، ولم يستثن أحدا، ولم يبين أنه سيبعث فينا رسول بعده، وفي هذا رد واضح على اللحيدي الدجال الذي يزعم أنه رسول وليس بنبي، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين لا خاتم المرسلين.

وروى مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم ". وقد أتى اللحيدي بما لا يعرفه الصحابة ولا تابعوهم بإحسان ولا أحد من سلف الأمة وعلمائها حتى خروجه، وإنما يعرفون ضد ما أتى به، فقد أتى هذا الدجال بهدم الشريعة التي أتى بها محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ضلل الأمة وجهلها.

وروى مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه عن عبد اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ رضي الله عنهما أنه قال: " إِنَّ في الْبَحْرِ شَيَاطِينَ مَسْجُونَةً أَوْثَقَهَا سُلَيْمَانُ يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ فَتَقْرَأَ على الناس قُرْآنًا"، وهاهو اللحيدي الدجال يزعم أن القرآن محرف، وأنه مرسل ليطهر القرآن من التحريف، وصار يغير في كتاب الله، فيظهر أن تلك الشياطين التي أوثقها سليمان عليه السلام خرجت، ووجدت بغيتها في اللحيدي، فقرأت عليه قرآنا، وأمرته أن يغير به كتاب الله عز وجل.

اللحيدي من الباطنية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير