وقال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} (النور: 36 - 37).
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ على الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ من حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ" متفق عليه.
وقال عبداللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه: من سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فإن اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ من سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكُمْ كما يُصَلِّي هذا الْمُتَخَلِّفُ في بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَللْتُمْ وما من رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إلى مَسْجِدٍ من هذه الْمَسَاجِدِ إلا كَتَبَ الله له بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بها دَرَجَةً وَيَحُطُّ عنه بها سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عنها إلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كان الرَّجُلُ يؤتي بِهِ يُهَادَى بين الرَّجُلَيْنِ حتى يُقَامَ في الصَّفِّ.
فالله تعالى أمر أن ترفع المساجد بعمارتها، وأثنى على عمارها، والنبي صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة الجماعة في المساجد ويتوعد من يتخلف عنها، ويجعل التخلف عنها علامة على النفاق، واللحيدي الدجال محرف القرآن أخزاه الله ينهى عن المساجد، ويجعل الصلاة في المساجد من علامات الكفر والنفاق الأكبر.
واللحيدي إنما يسعى بذلك إلى خراب بيوت الله، فحسبه قول الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وسعى في خرابها أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (البقرة:114).
وتصور أخي القارئ لو استجاب المسلمون لدعوة اللحيدي بتعطيل المساجد والجمع والجماعات منذ خمسة عشر عاما، وبقيت بيوت الله مهجورة لايرفع منها أذان، ولاتقام فيها صلاة فهل هذا شيء يرضي الله عزوجل، أو يُسَرُّ به مسلم؟!
والسؤال هنا عن سبب تبني اللحيدي لهذه الضلالة، وقد تقدم ذكر أن هذا أمر يعين الكفار على تنفيذ مخططاتهم إذ يتفرق المسلمون ولا يجمعهم جامع، ولايستمعون لخطبة تكشف لهم عن عدوهم، وتبصرهم بواجباتهم ومسؤولياتهم. وأمر آخر يسعى اللحيدي الدجال إلى تحقيقه، وهو عزل أتباعه عن المسلمين قدر الإمكان، فهو يخشى عليهم من التأثر بدعوة الحق لوسمح لهم بالصلاة في المساجد، وحضور الجمع وسماع الخطب فقد يتأثرون ويرجعون عن باطلهم وضلالهم، فيخسرهم اللحيدي وأخوه إبليس.
وقد روى أبوداود رحمه الله من حديث أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أنه قال: سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:" ما من ثَلَاثَةٍ في قَرْيَةٍ ولا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلا قد اسْتَحْوَذَ عليهم الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ " قال السَّائِبُ أحد رواة الحديث: يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ الصَّلَاةَ في الْجَمَاعَةِ.
فاللحيدي الدجال تنبه إلى هذا فأمر أتباعه باعتزال المساجد والجماعات ليظل مستحوذا عليهم بضلاله مفترسا لعقولهم بإلحاده.
¥