ولا يتاركه أيضا لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه؛ فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقا، ومن حقه أن ينصحه، ويهديه إلى مصالح آخرته، وينقذه من مضارها، وصديق الإنسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته، وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته، وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه، وإنما كان إبليس عدوا لنا لهذا، وكانت الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - أولياء للمؤمنين لسعيهم فى مصالح آخرتهم، وهدايتهم إليها" (شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 24).
وأما إبطال اللحيدي الدجال لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يُمَكَّنَ للحيدي في الأرض فقد سار فيه على نهج أسلافه وأوليائه من الرافضة الذين يعتقدون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موقوفان على ظهور الإمام.
قال النووي رحمه الله: " وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين، ولم يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة، ولا يعتد بخلافهم كما قال الإمام أبو المعالي إمام الحرمين: لا يكترث بخلافهم في هذا؛ فقد أجمع المسلمون عليه قبل أن ينبغ هؤلاء" (شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 22).
وربما قصد اللحيدي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أبطله حتى يُمَكَّنَ للحيدي في الأرض ما قصده أحبابه من المعتزلة، فقد ذكر الإمام ابن تيمية رحمه الله أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند المعتزلة يتضمن جواز الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف (انظر مجموع الفتاوى 13/ 387).
قال أبو الحسن الأشعري: " قالت المعتزلة: إذا كنا جماعة وكان الغالب عندنا أنا نكفي مخالفينا عقدنا للإمام ونهضنا فقتلنا السلطان، وأزلناه وأخذنا الناس بالانقياد لقولنا، فإن دخلوا في قولنا الذي هو التوحيد وفي قولنا في القدر وإلا قتلناهم" (مقالات الإسلاميين / 466). وهذا مايعزم اللحيدي الدجال على فعله تماما.
اللحيدي يجزم ويصرح
بوقوع التحريف في القرآن لفظا ومعنى
لو لم يأت اللحيدي إلا بهذه الفرية الكبرى والجريمة العظمى لكفى في الحكم عليه بالكفر البواح، فقد أجمع المسلمون على أن من قال بأن القرآن الموجود في المصاحف محرف أو فيه نقص أو زيادة فهو كافر كفرا أكبر وليس من المسلمين في شيء.
و اللحيدي الدجال الزنديق عدو الله ورسوله يصرح كثيرا بوقوع التحريف في القرآن، وأن الذين حرفوه هم الصحابة الذين جمعوا القرآن، وأن مما أسقطوه من القرآن الألفاظ الدالة على أن اللحيدي محدث مرسل.
وقد صرح بهذا بكل قبح في كتابه الذي سماه (القول المبين في الختم بمحمد المصطفى الأنبياء لا المرسلين) وهو منشور في موقعه في النت، وسأنقل منه بعض ماذكره فيه مما يتعلق بتحريف القرآن.
قال اللحيدي الدجال عدو الله ورسوله في الفصل السادس من كتابه (ص 2 من المستندات):
" أقول: فات الشيخ سالم ابن حمود حفظه الله أن يورد أهم ما عندهم في هذا الأمر مما يعد أقوى شبههم التي عليها بنيت قاعدتهم السالفة وهي بنتها أرضعتها من لبانها، وهي أصلهم الأصيل عليها مدار بدعتهم ولها مني التفصيل سأجعل بإذن الله تعالى في تفنيدها قضاء البتة وقطعهم سيكون هنا بمنه وكرمه وفتحه، لن يستطيعوا بعد ذلك جمع الأشلاء فهي متفرقة، مزعا ستكون مبعثرة وسترون، فهي بدعة منكرة تقولوا بها على كتاب الله تعالى عاطلا باطلا، فوجب جهادهم عليها محتسبين عند مولانا هذه الحسنة.
وقد كان الأولون من أسس لها وعمق، جهالة عمياء وتحكم بكتاب الله تعالى حان زواله إن شاء الله، ذاك حين طرحوا من قوله عز وجل: ? وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ ولا نَبِيٍّ ولا محدث إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ? طرحوا ? ولا محدث ? وهي قراءة لأبي بن كعب أخذها عنه ابن عباس رضي الله عنهما.
¥