"ما عملوه يبقى اجتهادات بشرية وعلى أساسه كان إطراح الحرف الأهم والأعظم شأنا ? ولا محدث ? ما ترتب على ذلك من مفاسد عظيمة داخلت إيمان الناس حتى يومنا هذا، وجهلٌ بكتاب الله تعالى لا يستهان به وهذا من حقيقة ما حصل في زمان الشيخين وهما من المؤمنين ما علمه الصالحون، فكيف بما جرى بعدهما وزِيِدَ على عملهم ما زيد، من جمع بعض القرآن على مصحف وفرضه على الناس والسعي الحثيث لحرق ما سواه ".
تعليق
قد فضح الله اللحيدي الدجال إذ صرح بعقيدته الكفرية وهي أن القرآن وقع فيه التحريف بنوعيه: تحريف اللفظ، وتحريف المعنى، ولهذا فإن هذا التحريف أشد من التحريف الذي وقع في الكتب السابقة. وأعلن بكل صراحة ووقاحة بأن مصحف عثمان الذي لا تعرف الأمة قرآنا غيره وقع فيه خلل ولحن وخطأ النساخ وأن هناك من القرآن ما فات الصحابة ولم يدخلوه في المصحف إما لموت حامليه، وإما لأنه مما أكله الدجاج وهناك ما تعمد الصحابة طرحه افتراء على كلام الله وقرآنه العظيم، ويصرح بكل قبح أن الأمة اجتمعت على ضلالة وهو هذا المنكر الذي عملوه بكتاب الله تعالى.
وبهذا يعلن اللحيدي الدجال كفره البواح ويكذب الله تعالى في وعده إذ قال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر:9) وقال: {وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} (فصلت:41،42)، وقال: {ذلك الكتاب لا ريب فيه} (البقرة:2).
وقد أجمع المسلمون على أن من قال بوقوع تحريف في كتاب الله أو أنه نقص منه أو زيد فيه فهو كافر، يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا، لا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
قال ابن حزم: " ولما تبين بالبراهين والمعجزات أن القرآن هو عهد الله إلينا والذي ألزمنا الإقرار به والعمل بما فيه وصح بنقل الكافة الذي لا مجال للشك فيه أن هذا القرآن هو المكتوب في المصاحف المشهورة في الآفاق كلها وجب الانقياد لما فيه فكان هو الأصل المرجوع إليه لأننا وجدنا فيه {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون} .....
ولا خلاف بين أحد من الفرق المنتمية إلى المسلمين من أهل السنة والمعتزلة والخوارج والمرجئة والزيدية في وجوب الأخذ بما في القرآن، وأنه هو المتلو عندنا نفسه، وإنما خالف في ذلك قوم من غلاة الروافض هم كفار بذلك مشركون عند جميع أهل الإسلام، وليس كلامنا مع هؤلاء، وإنما كلامنا في هذا الكتاب مع أهل ملتنا " (الإحكام لابن حزم 1/ 92).
وقال القاضي عياض: "وقد أجمع المسلمون أن القرآن المتلو في جميع أقطار الأرض المكتوب في المصحف بأيدي المسلمين، مما جمعه الدفتان من أول {الحمد لله رب العالمين} إلى آخر {قل أعوذ برب الناس} أنه كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق، وأن من نقص منه حرفاً قاصداً لذلك، أو بدله بحرف آخر مكانه، أو زاد فيه حرفاً مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه، وأجمع على أنه ليس من القرآن عامداً لكل هذا أنه كافر" (الشفا 2/ 251).
وصرح اللحيدي الدجال بحقده الدفين على الصحابة الكرام: عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت ومن معهم من الصحابة الذين جمعوا المصحف، وقبلهم أبوبكر الصديق، وعمر بن الخطاب الذي يقر اللحيدي بأنه محدَّث، ومع ذلك يتهمه بتلك التهم المخزية. ويصف اللحيدي أولئك الصحابة الكرام الذي جمعوا القرآن بالجاهلين المحرفين، وأنهم فعلوا ذلك بإيحاء من الشيطان، وأن فعلهم من الضلال المبين، وفيه نسبة العيب إلى الله، وهو من جنس تحريف اليهود للكلم. وكذَّب اللحيدي عمر بن الخطاب وسائر الصحابة الذين يقولون بنسخ تلك الآيات التي لم يثبتوها في المصحف، وصرح بأن الصحابة بجمعهم للقرآن في مصحف وقعوا في مخالفة منكرة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فهو منكر ولو فعله عمر أو عثمان، وهو محدث وعمل ليس عليه أمر الله ورسوله. ويصف عامة الصحابة بالجهل حين صوبوا جمع القرآن.
ولا شك أن اللحيدي حين يرمي الصحابة بتحريف القرآن فإنه يحكم عليهم بالكفر، كما كفر من حرف الكتب السابقة، ولا خلاف في كفر من يحرف القرآن.
¥