تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأمومة، وأقاموا له قبة، لا ندري متى كان تشييدها؛ لتكون مزارًا للناس .. ".

ثم أخبر أن الشريف عون الرفيق – أحد حكام مكة قبل الدولة السعودية – أراد هدم القبة، فـ " قام في وجهه قناصل الدول – أي الغربية -، وحالوا بينه وبينها؛ بدعوى أنها ليست أم المسلمين وحدهم "!! ونقلها عنه أمين الريحاني في كتابه " ملوك العرب " (ص 59)

قلت: ما أراد فعله الشريف عون كان تأثرًا منه – رحمه الله – بنصائح الشيخ السلفي أحمد بن عيسى - رحمه الله -. قال الشيخ عبدالله البسام عند ترجمته للشيخ أحمد بن عيسى: " لم يقتصر نشاط المترجَم على دعوة الأفراد، حتى اتصل بأمير مكة الشريف عون الرفيق، وكلمه بخصوص هدم القباب والمباني التي على القبور والمزارات، وشرح له أن هذا مخالف للإسلام، وأنه غلو وتعظيم للأموات يُسبب فتنة الأحياء وبث الاعتقادات الفاسدة فيهم، فما كان من الشريف عون إلا أن أمر بهدم القباب التي على القبور، عدا قبة القبر المنسوب إلى خديجة - رضي الله عنها-، والقبر المنسوب إلى حواء في جدة، فأبقاهما خشية من الفتنة، وصار المترجَم بسبب علمه وعقله ونصحه مقرباً من الشريف عون، يُجله ويقدره ويعرف له فضله وحقه ". " علماء نجد خلال ثمانية قرون " (1/ 440).

وما لم يستطعه الشريف عون، استطاعه الملك عبدالعزيز، ورجاله الموحدين – ولله الحمد -. قال الأستاذ محمد علي مغربي في كتابه " أعلام الحجاز " (3/ 138): " أدركت قبر السيدة حواء أم البشر بمدينة جدة في أوائل الأربعينات من القرن الهجري الماضي، تتوسطه قبة عظيمة، ومن أمام القبة وخلفها ممر طويل، ويدخل الناس والحجاج خاصة لزيارة أمنا حواء في الحجرة التي تعلوها هذه القبة، وقد زُينت هذه الحجرة بالستائر، وأُطلق فيها البخور، ويتولى أحد المشايخ، وكان في ذلك العهد من بيت القاضي بجدة، إدخال الحجاج، وتلقينهم الدعاء للزيارة، ويتقاضى الشيخ المذكور من الزائرين النقود التي يدفعونها مكافأة له! وحينما استولت الحكومة السعودية على الحجاز، ودخل الملك عبد العزيز مدينة جدة سنة 1344هـ، كان من أوائل الأعمال التي قامت بها الدولة السعودية هدم ما يُسمى قبة حواء، وقفل الزوايا المنسوبة إلى الطرق الصوفية، وإبطال البدع التي كانت سائدة في ذلك الزمان، والتي كان يتقرب بها الناس ـ كما يظنون ـ إلى الله تعالى ".

وقال (3/ 184 – 185) - بعد أن ذكر بعض القبور بجدة -: " كان السذج من الناس يزورون هذه القبور التي ذكرها الحضراوي، والتي كانت منتشرة بمدن الحجاز كلها، وينذرون لها النذور، وهذه كلها من البدع الضالة المضلة التي دخلت على المسلمين، واستغل القائمون على هذه القبور سذاجة الناس وغفلتهم، وجهلهم بالدين الصحيح؛ فأقاموا القباب على هذه القبور، واستولوا على ما يَرِدُ لها من أموال النذور، وكل هذا ليس من الدين الصحيح في شيء، بل هو مدعاة للانحدار إلى هاوية الشرك والعياذ بالله تعالى، فالله تعالى هو الضار وهو النافع، والدعاء يجب أن يكون له وحده تعالى دون وسيط أو شريك، وقد أزيلت هذه القبور وما عليها من القباب، وانتهت تلك البدع الضالة المضلة، حينما قامت الحكومة السعودية - بعد انضمام الحجاز إليها - بإزالة تلك القبور والقباب، فسلمت للناس عقائدهم من الشوائب والانحرافات ".

رحم الله الأستاذ المغربي عن هذا الكلام الناصح، ورحم الله الملك عبدالعزيز، والعلماء والرجال الموحدين الذين عاونوه على القضاء على هذه البدع والخرافات والشركيات، التي صرفت المسلمين عن تحقيق التوحيد لرب العالمين.

ختامًا: لقد أحسن رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة الشيخ أحمد قاسم الغامدي، عندما طالب بتغيير اسم مقبرة "أمنا حواء" بجُدة؛ بسبب ترسيخها للوهم السابق. وأعانه الله على القيام بذلك، رغم ثورة بقايا المتصوفة عليه - هداهم الله -.

مقال الشيخ

إسماعيل الأنصاري،

تعليقًا على كتاب الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري – رحمهما الله - " تاريخ مدينة جُدة "،

نشره الأستاذ عبدالقدوس ضمن ملاحق كتابه، (ص 665 – 667)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير