تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه الأمور توضح بجلاء أن الإنكليز أوجدوا هذه الفرية من عندهم، بما يتوافق مع سياستهم المعروفة "فرق تسد" التي اتبعها الغرب بصورة عامة وبريطانيا بصورة خاصة، والقائمة عمليا على إيجاد المشاكل في البلاد التي تستعمرها، والتي قد تستمر إلى أكثر من مائة سنة بعد خروجها من البلاد؛ ومثال ذلك قضية فلسطين التي جعلها الإنكليز في وعد بلفور وطنا قوميا لليهود، وقضية الأحواز التي منحت إلى إيران، وما يتعلق بنسبة السنة والشيعة في العراق، وقطع لواء الأسكندرونة من سوريا، ومنحه إلى تركيا، و إبراز فكرة القوميات في البلاد الإسلامية؛ كالقومية العربية ([6])، والقومية الكردية، والقومية الطورانية، والتشجيع لبروز صراع قومي مع الدول التي يقطنها الأكراد، وقضايا كثيرة نعيشها اليوم مثل البوليساريو، والأمازيغ في المغرب العربي، ومشكلة دارفور في السودان، ومشكلة الأقليات الشيعية في البلاد العربية والإسلامية، ولا ننسى ما فعل في لبنان من نسج تركيبة معقدة مسيحية إسلامية ودرزية وسنية وشيعية والتي تسمى (اللبننة)، إضافة لمشاكل ترسيم الحدود بين الدول، كل هذه هي قنابل موقوتة تثار في أي لحظة.

هذا المخطط القديم وضع خلال عهد الخلافة العثمانية يوم أن قرر الغرب استخدام سلاح إثارة قضايا الاقليات وإشعال الفتن بين أهل الذمة والمسلمين لتفكيك الخلافة، فأسست الجمعيات السرية التي رعتها أوربا.

وقد كشف الصحافي البريطاني المعروف ديفيد هيرست في كتابه (البندقية وغصن الزيتون) ([7]) عن بدء تنفيذ المخطط الصهيوني الاستعماري القديم الهادف إلى تحويل سوريا والعراق ولبنان إلى دويلات طائفية وعرقية لتبرير وجود الكيان الصهيوني العنصري في فلسطين وقال نقلا عن صحيفة كيفونيم اليهودية الصهيونية – القدس (فبراير 1982م) ما يلي: "أما على الجبهة الشرقية فثمة كل الاحتمالات والاحداث التي تجسد رغبتنا على الجبهة الغربية والتي تحدث عيانا أمامنا اليوم، إن انحلال لبنان وتجزئته إلى خمس مناطق ذات حكومات محلية هو السابقة النموذجية لكافة العالم العربي، ثم يأتي دور تفكيك سوريا وبعدها العراق إلى أقاليم عرقية ودينية بما يتسق مع المثال اللبناني هذا هو الهدف الرئيسي لـ (اسرائيل) في المدى الطويل على الجبهة الشرقية، إن عملية إضعاف هذه الدول عسكريا ـ القائمة حاليا ـ تمثل هدفاً قصير المدى، ولسوف تنقسم سوريا إلى عدة دويلات على أساس خطوط بينها العرقية والطائفية؛ ونتيجة لذلك لسوف تقوم دولة علوية كما سيكون في إقليم حلب دويلة سنية، وبينهما دويلة أخرى معادية للدولة الشمالية، أما الدروز – بمن فيهم دروز الجولان- وهي المحاولة الحالية فيجب أن ينشئوا دولة لهم في حوران وشمال الأردن، ثم إن العراق الغني بالنفط، هو بالتأكيد المرشح لما يأتلف مع أهداف اسرائيل؛ ففيه كل أنواع المواجهات الداخلية العربية، مما يساعدنا على البقاء والصمود في المدى القريب، وأن نسرع بإنجاز الهدف البعيد المطلق وبالتحديد تقسيم العراق إلى عناصر متفرقة كما يحصل لسوريا ولبنان، ولسوف تقوم ثلاث دول أو أكثر، حول المدن العراقية الكبرى: البصرة، وبغداد، والموصل، وبحيث تنقسم وتنفصل المناطق الشيعية في الجنوب عن المناطق السنية في الشمال- ومعظم سكانها من الأكراد السنيين- ثم عن شبه الجزيرة العربية كلها مرشح طبيعي للتجزئة" ([8]).

إذاً قضية زيادة نسبة الشيعة تنبع من قضية أخرى هي السعي لتفتيت العراق وتقسيمه بحجّة الأكثرية الشيعية، وهذا إن حصل فسيثير حفيظة السنة، وتثار حرب أهلية وبعدها يكون الحل الأنسب لخروج العراق من مأزق الحروب الطاحنة هو التقسيم، وهي ذاتها نظرية هنري كيسنجر اليهودي الأمريكي القائلة بـ: (تقسيم المقسم وتجزأة المجزأ) والتي يؤمن بها عدّة ساسة أمريكان منهم: بريجينسكي، ومايلز كوبلاند.

وفكرة تقسيم العراق تم تداولها في دوائر صنع القرار الأمريكية منذ عام 1983، وأقرها الكونغرس الامريكي، وتعد أقدم خريطة لتقسيم الوطن العربي وقد ضعت من قبل برنارد لويس ([9])، وهي الموضوعة سنة 1988بُعيد انتهاء الحرب العراقية – الايرانية.

قضية مهمة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير