تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فثبت بالدليل القاطع أن الجمع في هذه الآية يرجع لليدين جمعا بين كل هذه الادلة الثابتة فقوله تعالى بل يداه مبسوطتان و قوله لما خلقت بيدي و قوله عليه الصلاة و السلام كلتا يداه يمين و قوله وبيده الأخرى الميزان و قوله وقال الله جل وعلا ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت. فقال: اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسطهما فإذا فيهما آدم وذريته و قوله غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها.

اثبتت أنهما يدان تليقان بالله عز وجل لا كيدي المخلوق فهذه هي الشريعة تؤخد جملة لا من حديث واحد منفصل و لقد ضل في مثل هذه الأمور الكثير من الناس.

في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا

جمعت اليد مع نون العظمة و نون العظمة ترجع لله سبحانه و تعالى و هذا من أسلوب العرب كقوله تعالى "فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ" [الشورى:30] فمن قواعد اللسان العربي أن المثنى إذا أضيف إلى ضمير التثنية أو ضمير الجمع، جُمع كقوله تعالى: "فقد صغت قلوبكما" [التحريم:4]. وقوله: "فاقطعوا أيديهما" [المائدة:38]

السارق و السارقة تقطع لكل واحد منهما يد واحدة لكن التعبير جاء بالجمع و كذلك قوله تعالى (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا) (التحريم: من الآية4)، وهما اثنتان، والقلوب جمع، والمراد به قلبان فقط، لقوله تعالى مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) (الأحزاب: من الآية4) ٍ

و كذلك لقوله تعالى (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) (النساء: من الآية11) جمع، والمراد به اثنان.

فهذا مثنى ذكر بالجمع هذا لسان العرب و ليس تأويلا إنما هي الشريعة تصدق بعضها بعضا.

ثانيا قوله تعالى: والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون

أما قوله تعالى: والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون. فليست من آيات الصفات لأن الأيد لم تضف لله عز و جل إنما الصفة هي المضافة كقوله تعالى بيدي، و قوله بل يداه مبسوطتان.

قال في لسان العرب: الأَيْدُ والآدُ جميعاً: القوة؛ قال العجاج: من أَن تبدّلت بآدِي آدا يعني قوّة الشباب.

وفي خطبة علي، كرم الله وجهه: وأَمسكها من أَن تمور بأَيْدِه أَي بقوّته؛ وقوله عز وجل: واذكر عبدنا داود ذا الأَيْد؛ أَي ذا القوة؛ قال الزجاج: كانت قوّته على العبادة أَتم قوة، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وذلك أَشدّ الصوم، وكان يصلي نصف الليل؛ وقيل: أَيْدُه قوّته على إِلانةِ الحديد بإِذن الله وتقويته إِياه.

وقد أَيَّده على الأَمر؛ أَبو زيد: آد يَئِيد أَيداً إِذا اشتد وقوي.

والتأْييد: مصدر أَيَّدته أَي قوّيته؛ قال الله تعالى: إِذا أَيدتك بروح القدس؛ وقرئ: إِذا آيَدْتُك أَي قوّيتك، تقول من: آيَدْته على فاعَلْته وهو مؤيَد.

وتقول من الأَيْد: أَيَّدته تأْييداً أَي قوَّيته، والفاعل مؤَيِّدٌ وتصغيره مؤَيِّد أَيضاً والمفعول مُؤَيَّد؛ وفي التنزيل العزيز: والسماء بنيناها بأَيد؛ قال أَبو الهيثم: آد يئيد إِذا قوي، وآيَدَ يُؤْيِدُ إِيآداً إِذا صار ذا أَيد، وقد تأَيَّد.

وأُدت أَيْداً أَي قوِيتُ.

وتأَيد الشيء: تقوى. اهـ

أقوال المفسرين:

قال الشنقيطي رحمه الله:

قوله تعالى في هذه الآية الكريمة {بَنَيْنَـ?هَا بِأَيْدٍ}، ليس من آيات الصفات المعروفة بهذا الاسم، لأن قوله {بِأَيْدٍ} ليس جمع يد: وإنما الأيد القوة، فوزن قوله هنا بأيد فعل، ووزن الأيدي أفعل، فالهمزة في قوله: {بِأَيْدٍ} في مكان الفاء والياء في مكان العين، والدال في مكان اللام. ولو كان قوله تعالى: {بِأَيْدٍ} جمع يد لكان وزنه أفعلاً، فتكون الهمزة زائدة والياء في مكان الفاء، والدال في مكان العين والياء المحذوفة لكونه منقوصاً هي اللام.

والأيد، والآد في لغة العرب بمعنى القوة، ورجل أيد قوي، ومنه قوله تعالى {وَأَيَّدْنَـ?هُ بِرُوحِ ?لْقُدُسِ} أي قويناه به، فمن ظن أنها جمع يد في هذه الآية فقد غلط فاحشاً، والمعنى: والسماء بنيناها بقوة) انتهى أضواء البيان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير