تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله: "فلا يعصه"، هذا كما لو نذر ترك الكلام مع أبويه أو ترك الصلاة أو حلف في ذلك فإنه يجب عليه أن لا يأتي بالمعصية (قال الموفق فى المغنى: نذر المعصية فلا يحل الوفاء به إجماعاً، ولأن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "من نذر أن يعصي اللّه فلا يعصيه"، ولأن معصية اللّه لا تحلُّ في حال، ويجب على الناذر كفارة يمين، روي نحو هذا عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعمران بن حصين وسمرة بن حندب وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه، ورُوي عن أحمد ما يدل على أنه لا كفارة عليه، فإنه قال فيمن نذر ليهدِمَنّ دار غيره لبنة لبنة لا كفارة عليه، وهذا في معناه، وروي هذا عن مسروق والشعبي وهو مذهب مالك والشافعي ... إلخ ...... وقال الترمذى: بعضِ أهلِ الْعِلْمِ من أصحابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرِهم قالوا: لا يعصى الله (هذا مجمع عليه ليس فيه اختلاف) وليس فيه كَفّارَةُ يمينٍ إذا كانَ النّذْرُ في مَعْصِيَةٍ (وهذا مختلف فيه) .... وبهذا يقولُ مالكٌ والشافعيّ.

وقوله" (من نذر أن يعصى الله فلا يعصه) قال في شرح السنة فيه دليل على أن من نذر معصية لا يجوز الوفاء به ولا يلزمه الكفارة، إذا لو كانت فيه الكفارة لبينه صلى الله عليه وسلم.

* متى تجب الكفارة في النذر؟:

اختلف أهل العلم فيمن وقع منه النذر في معصية أو فيما لايملك هل تجب فيه كفارة؟ فقال الجمهور: لا , وعن أحمد والثوري وإسحاق وبعض الشافعية والحنفية نعم , ونقل الترمذي اختلاف الصحابة في ذلك كالقولين , وفي عموم حديث عقبة بن عامر " كفارة النذر كفارة اليمين " أخرجه مسلم ,ما يدل على الكفارة, وقد حمله الجمهور على نذر اللجاج والغضب وبعضهم على النذر المطلق , لكن أخرج الترمذي وابن ماجه حديث عقبة بلفظ " كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين " ولفظ ابن ماجه " من نذر نذرا لم يسمه " , وفي حديث ابن عباس يرفعه " من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين " أخرجه أبو داود , وفيه " ومن نذر في معصية فكفارته كفارة يمين , ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين " ورواته ثقات , لكن أخرجه ابن أبي شيبة موقوفا وهو أشبه , وأخرجه الدارقطني من حديث عائشة , وحمله أكثر فقهاء أصحاب الحديث على عمومه لكن قالوا إن الناذر مخير بين الوفاء بما التزمه (مما لايطيقه) وكفارة اليمين ,

وفى الحديث عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: من نذر نذراً ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين، أخرجه أبو داود وابن ماجه. قال الحافظ في بلوغ المرام: إسناده صحيح إلا أن الحافظ رجح وقفه.

وقوله: (لم يسمه) أي لم يعينه الناذر بأن قال: إني نذرت نذراً أو على نذر ولم يعين أنه صوم أو غيره (كفارة يمين) فيه دليل على أن كفارة اليمين إنما تجب فيما كان من النذور غير مسمى. قال النووي: اختلف العلماء في المراد بهذا الحديث يعني حديث عقبة بن عامر الذي أخرجه مسلم بلفظ كفارة النذر كفارة اليمين فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج فهو مخير بين الوفاء بالنذر أو الكفارة. وحمله مالك وكثيرون أو الأكثرون على النذر المطلق كقوله عليّ نذر، وحمله جماعة من فقهاء الحديث على جميع أنواع النذر، وقالوا هو مخير في جميع أنواع المنذورات بين الوفاء بما التزم وبين كفارة اليمين انتهى. قال الشوكاني: والظاهر اختصاص الحديث يعني حديث مسلم المذكور بالنذر الذي لم يسم، لأن حمل المطلق على المقيد واجب، وأما النذور المسماة إن كانت طاعة فإن كانت غير مقدورة ففيها كفارة يمين، وإن كانت مقدروة وجب الوفاء بها سواء كانت متعلقة بالبدن أو بالمال، وإن كانت معصية لم يجز الوفاء بها ولا ينعقد ولا يلزم فيها الكفارة، وإن كانت مباحة مقدورة فالظاهر الانعقاد ولزوم الكفارة لوقوع الأمر بها في الأحاديث في قصة الناذرة بالمشي إلى بيت الله، وإن كانت غير مقدورة ففيها الكفارة لعموم: ومن نذر نذراً لم يطقه. هذا خلاصة ما يستفاد من الأحاديث الصحيحة انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير