[منهج السلف في التحرز من الوقوع في البدع]
ـ[ابن عبدِ الحميد]ــــــــ[06 - 10 - 09, 03:05 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
لقد كان للسلف رحمهم الله منهج واضح في التحرز من الوقوع في البدع والضلالات، وذلك من خلال موقفهم من البدع
والمبتدعة، وذلك من خلال عدة طرق منها
:
الطريقة الأولى: حثهم رضي الله عنهم الأمة على التمسك بالكتاب والسنة وعقيدة السلف
:
لقد وردت أقوال كثيرة عن السلف في هذا الباب، فمن أقوالهم رضي الله عنهم في الحث على التمسك بالكتاب والسنة واتباع مذهب السلف:
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"إتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم كل ضلالة" [البدع لأبن وضاح (37)]
وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه:"إتبعوا سبلنا ولئن اتبعتمونا لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن خالفتمونا لقد ضللتم ضلالا بعيدا" [البدع لأبن وضاح (38)]
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله:"فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم فإنهم السابقون وإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، ... فما دونهم مقصر وما فوقهم محصر، لقد قصر أقوام دونهم فجفوا، وطمح عنهم أخرون فغلوا، إنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم"ل [البدع لأبن وضاح (66)]
الطريقة الثانية: ذمهم للبدع والمبتدعة
:
للسلف رضي الله عنهم أقوال كثيرة في ذم البدعة والمبتدعة، وطرقا فمن ذلك:
1) -جعلهم البدع أعظم الذنوب التي عصي الله بها بعد الشرك:
قال الإمام الشافعي رحمه الله:"لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك أحب إلي من أن يلقاه بشيء من الأهواء" [عقيدة أصحاب الحديث للصابوني (69)]
وعن أبي بكر بنة عياش قال: كان عندنا فتى يقتل ويشرب وذكر أشياء من الفسق ثم إنه تقرأ-أي قرأ للشيعة- فدخل في التشيع، فسمعت حبيب بن أبي ثابت وهو يقول:"لأنت يوم كنت تقتل وتفعل ما تفعل خير منك اليوم" [البدع لأبن وضاح (77)]
فهم رحمهم الله جعلوا الوقوع في البدع أعظم ذنب بعد الشرك
2) -إظهارهم البدع وأهلها في شر الصور واخسها:
قال إدريس الخولاني:"لأن أسمع بناحية المسجد بنار تحترق احب إلي من أن أسمع فيه ببدعة ليس لها مغير، وما أحدثت امة في دينها بدعة إلا رفع الله بها عنهم سنة" [البدع لأبن وضاح (78)]
وقال أبو الجوزاء رحمه الله:"لأن يجاورني القردة والخنازير أحب إلي من أن يجاورني أحد منهم-يعني أصحاب البدع". [شرح إعتفاد
أهل السنة للالكائي (1/ 131)].
الطريقة الثالثة: سد الذرائع الموصلة إلى البدعة
:
من حرص السلف رضي الله عنهم على صيانة عقائد المسلمين من البدع قطع كل وسيلة أو سبب يوصل إلى البدعة والوقوع فيها ومن امثلة ذلك:
قال محمد بن وضاح المالكي:"سمعت عيسى بن يونس مفتي اهل طرسوس يقول: أمر عنمر بن الخطاب رضي الله عنه بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم، فقطعها لن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها فخاف عليهم الفتنة" [البدع لأبن وضاح (
88)]
الطريقة الرابعة: معاقبة المبتدعة لما هم عليه من البدع
:
لقد اتخذ السلف رضي الله عنهم بعض العقوبات ضد اهل البدع وهذه العقوبات لم يتخذها السلف لذات العقوبة وإنما لحكم منها:
1: لعل المبتدع يرجع عندما يرى نفسه منبوذ عند المسلمين.
2 - فإن لم يرجع فلعلها تكون كفيلة بحصر شر بدعته عليه فلا يتأثر بها غيره من المسلمين.
ومن هذه العقوبات التي إتخذها السلف:
1) -النهي عن مجالستهم:
فعن الحسن البصري رحمه الله انه قال:"لا تجالس صاحب بدعة فإنه يمرض قلبك" [البدع لأبن وضاح90]
وعن أبي قلابة رحمه الله انه قال:"لا تجالسوا اهل الأهواء ولا تجادلوهم فغني لا آمن ان يغمسوكم في ضلالتهم او يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون" [البد لأبن وضاح (99)]
2) -منع المبتدعة من الكلام في بدعهم:
قال أبو أيوب رحمه الله لرجل من اهل الهواء يريد ان يساله عن كلمة:"لا ولا نصف كلمة، مرتين يشير باصبعه" [اللالكائي1/ 141]
وذكر المليطي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله منع غيلان الدمشقي عن الكلام في القدر وقال له عمر:"والله لئن بلغني انك تكلمت في شىء منه لأجعلنك للناس او للعالمين نكالا، فلم يتكلم في شىء حتى مات عمر، فلما مات عمر سال فيه سيل الماء او سيل البحر" [التنبيه للملطي (178)]
3) -عدم قبول شهادتهم:
ومن ذلك رد شريك بن عبد الله القاضي رحمه الله شهادة حماد بن أبي حنيفة، فقال شريك:"لا أقبل شهادتك؟ قال حماد لما ترد شهادتي؟ فقال أما إني لا اطعن عليك في بطن ولا فرج ولكن متى تدع الخصومة في الدين أجزت شهادتك" [عقيدة ظاصحاب الحديث (31)].
4) -ضربهم:
ومن ذلك ضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لصبيغ بن عسل الغطفاني، كما في ذم الكلام للهروي (4/ 242).
5) - قتلهم إن لم يندفع أذاهم وشرهم إلا بذلك:
ومن أكبر المثلة على ذلك واعظمها قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخوارج وإحراقه للسبئية. انظر [الإعتصام (1/ 176)].
ومن امثلة ذلك قتل خالد بن عبد الله القسري الجعد بن درهم، فقال فيما رواه عنه الدارمي"يا أيها الناس ارجعوا فضحوا تقبل الله منا ومنكم فإني مضح بالجعد بن درهم الذي يقول لم يتخذ الله إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليمانثم نزل فذبحه" [الرد على الجهمية 209].
6) -ترك الصلاة عليهم: ومنه ما قاله بعض السلف رضي الله عنهم:
فعن إبن عباس رضي الله عنهما انق ذكر القدرية فقال:"أولئك شرار هذه المة لا تعودو مرضاهم ولا تصلوا على موتاهم" [اللالكائي 2/ 643].
وعن الإمام مالك رحمه الله ةفي القدرية والإباضية:"لا يصلى على موتاهم ولا تتبع جنائزهم ولا تعاد مرضاهم" [المدونة1/ 182].
إلى غير ذلك من العقوبات التي اتخذها السلف ضد المبتدعة
نقلا عن الأخ
أبو عبد العظيم سفيان الباتني