تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قولهم أن تخليد أهل النار في النار اقتضاه ذواتهم، قال: هو جهل عظيم من قائله وكفر صراح من معتقده .. وهو قول مرذول لم يقل به أحد من المسلمين، وإنما هو من أقوال الزنادقة الذين حرفوا كلام الله عن مواضعه وكذبوا رسل الله فيما جاؤوا به وتستروا بالتصوف والنسك والعبادة كابن عربي ... فتارة يقولون إن دخول أهل النار النار اقتضاه ذواتهم، وتارة يقولون إن الكفار يعذبون في النار حينا ثم ينقلب في حقهم نعيما فيخلدون فيها في النعيم إلى غير ذلك من التناقض والكذب والمباهتة والتحريف الذي لم يسبقهم إليه أحد من أهل الملل الضالة من اليهود والنصارى، فإن غاية ما تقول اليهود ما حكى الله عنهم في قوله تعالى: ((وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً))، وذلك أنهم زعموا أنهم إنما يعذبون مدة .. ولم يقل أحد منهم قط أن عذاب النار يكون نعيما لا في الابتداء ولا في الانتهاء، ومع هذا فقد كذبهم الله تعالى ورد عليهم قولهم وأبطل دعواهم.

- القول بالوحدة:

رد على القيصري في شرح تائيتة ابن الفارض في نسبته لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه (أنا النقطة من بسم الله وأنا السموات السبع وأرضين السبع وأنا العرش والكرسي وجنب الله الذي فرطتم فيه)، فقال: "إن هذا المروي عن سيدنا علي رضي الله عنه كذب موضوع عليه، وقد كان للشيعة الرافضة فيه غلو عظيم وعقائد فاسدة ردية، بحيث إنه كان في زمانه طوائف اعتقدوا إلهيته فلما تحقق ذلك منهم أحرقهم بالنار، وكذلك طوائف اعتقدوا ثبوت رسالته إلى غير ذلك من الأمور الباطلة وكذبوا عليه بأمور غالبها محال ووضعوا عليه أقوالا لم تصدر عنه، منها ما ذكره السائل -وفقه الله تعالى-، وإنما استشهد القيصري بذلك في شرح التائية لموافقة ذلك عقيدتهم الكفرية الفاسدة المحالية، وهي قولهم بوحدة الوجود وأن الله جل عن قولهم هو الوجود لا غيره وأنه عين الموجودات كلها من أفلاك وأملاك وسموات وأرضين ونبات وبحار وأشجار وجبال ورمال غيرها، وقد كفروا بذلك كفرا لم يسبقهم إليه سابق ولا لحقهم فيه لاحق من سائر أهل الملل والنحل، فإن النصارى على قبح كفرهم وفساد مقالتهم لا يستجيزون هذه المقالة وأكثر ما قالوا إنه ثالث ثلاثة، وكم من فرق بين من يقول ثالث ثلاثة وبين من يقول إنه عين الأصنام والأوثان بل وسائر النجاسات والفضلات، تعالى عن قولهم وتنزه عن كذبهم، والحاصل أن ما ذكره القيصري عن علي رضي الله عنه مبني على هذه لطريقة الكفرية التي لم يقلها قبلهم قائل منذ خلق الله الخلق إلى عصرهم لعنهم الله وأخزاهم.

- تصويب عبادة الأصنام:

ورد أيضا على بعض ضلالاتهم بعدما ذكر قولهم السابق بقوله: (وأضافت -أي هذه الفرقة- إلى ذلك أقوالا أخرى لم يقلها أحد من أهل الملل والنحل من تصويب عبادة الأصنام، وإن فرعون وعادا وثمود ومن أشبههم من المشركين إنما كذبوا الرسل عليهم الصلاة السلام لما عندهم أي المشركين من المعرفة بالله والعلم به إلى غير ذلك من العظائم التي لا ينبغي ذكرها إلا للتحذير منها والتنبيه عليها).

2 - تسترهم بالتصوف:

أوضح في غير موضع أنهم يتسترون بالتصوف والزهد ليخفوا ما هم عليه من زيغ، فقال: ولما عرفوا أنهم ساعون في هدم الشريعة ورد ما جاء به محمد والأنبياء قبله -عليهم الصلاة والسلام- علموا أنهم لا يسلمون من قيام ملوك الإسلام عليهم وإنكار علماء الأنام وفتواهم بسفك دمائهم وتطهير الأرض من جثثهم فتستروا بالإسلام واتسموا بالتصوف، وأظهروا التنسك والعبادة والتقشف والزهادة وأبرزوا أقوالهم في أسلوب الحقائق ومزجوها باصطلاح القوم ودسوا تلك العقائد الكفرية بين علوم لدنية ومعارف زكية ليلبسوا الحق بالباطل ويموهوا على العوام والطغام، ولله در القائل فيهم وفيمن سلك مسلكهم من الزنادقة والباطنية:

وما انتسبوا إلى الإسلام إلا لحقن دمائهم ألا تسالا

فيأتون الفواحش في نشاط ويأتون الصلاة وهم كسالى

وقد ضلوا وأضلوا كثيرا، فضررهم على الإسلام أشد من ضرر الإفرنج وغيرهم الذين لا يلتبس كفرهم ولا يختفي شرهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير