س: أنا مدرس في إحدى المدارس المتوسطة بمنطقة الرياض لمادة الجغرافيا، وحيث إنه قد ورد إلي موضوع يتعلق بدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، وحيث إنه قد سبق وأن قرأت كتابا لسماحتكم بعنوان: (الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب، وعلى جريان الشمس والقمر وسكون الأرض) حيث كان هنالك تعارض بين ما ذكرتموه سماحتكم وبين الكتاب المدرسي؛ لذا أرجو من سماحتكم إفادتي عن هذا الموضوع. وجزاكم الله عني كل خير.
ج: يجب على مدرس الجغرافيا إذا عرض على الطلاب نظرية الجغرافيين حول ثبوت الشمس ودوران الأرض عليها أن يبين أن هذه النظرية تتعارض مع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وأن الواجب الأخذ بما دل عليه القرآن والسنة، ورفض ما خالف ذلك، ولا بأس بعرض نظرية الجغرافيين من أجل معرفتها والرد عليها كسائر المذاهب المخالفة، لا من أجل تصديقها والأخذ بها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو عضو نائب الرئيس الرئيس
عبد العزيز آل الشيخ صالح الفوزان عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 415)
وقال الشيخ ابن عثيمين: أما رأينا حول دوران الشمس على الأرض الذي يحصل به تعاقب الليل والنهار، فإننا مستمسكون بظاهر الكتاب والسنة من أن الشمس تدور على الأرض دوراناً يحصل به تعاقب الليل والنهار، حتى يقوم دليل قطعي يكون لنا حجة بصرف ظاهر الكتاب والسنة إليه - وأنى ذلك - فالواجب على المؤمن أن يستمسك بظاهر القرآن الكريم والسنة في هذه الأمور وغيرها.
أما الاستنباط من النصوص، فكِلا الفريقين يصنعونه. فإذا كان لَمْ يَرِدْ نصٌّ شرعيٌّ صريحٌ في المسألة، فعلامَ هذا التجاذب؟
فالشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين وغيرهم من علمائنا عند بعض المؤمنين بنظرية كبلر قد صنعوا الاستدلال لمسألة دوران الشمس. وما أجادوا لأنه لا نص صريح في المسألة، فكان الواجب عليهم السكوت.
هنا موطن الخلاف: وهو أنك لم ترَ في أهل الاختصاص إلاّ "كبلر وجماعته" بحسب قولك، فرفضتَ الاحتكام إلى أهل الاختصاص المشتغلين بدراسة الأرض والفلك.
نعم أرفض كل ما قاله أهل الاختصاص من فلكيين وغيرهم كائنا من كان إذا كان كلامه يخالف الكتاب أو السنة، مع علمي أن ما يتكلم به أهل الاختصاص إذا كان حقيقة علمية صحيحة فإنه لا يمكن أن يأتي في الكتاب أو السنة ما ينافيه.
مع الأخذ في الاعتبار أن الأسس العلمية للدراسات الفلكية الحديثة إنما وضعها المسلمون وليس كبلر وجماعته الذين هم عالة على علوم المسلمين ومصنَّفاتهم واكتشافاتهم.
فالقزويني (ت: 682هـ - 1283م) مثلاً في كتابه الشهير "عجائب المخلوقات" تكلَّم عن شكل الأرض وأنها كروية متحرّكة على الاستدارة، وذلك قبل:
1 - كوبرنيكوس (ت: 1543)
2 - وقبل جاليليو (ت: 1642م)
3 - وقبل كيبلر (ت: 1630م)
يقول القزويني تحت عنوان "النظر الخامس في كرة الأرض" ما نصّه: ((الأرض جسمٌ بسيطٌ، طِباعُه أن يكون: بارداً، يابساً، متحركاً إلى الوسط)). اهـ ثم شرع بعد هذا التقرير في ذِكْر أقوال العلماء قديماً في أن الأرض مبسوطة التسطيح، وقول مَن قال بكرويتها وحركتها، ثم قال: ((والذي يَعتمدُ عليه جماهيرُهم أنَّ الأرضَ مدوَّرةٌ كالكُرة، موضوعةٌ في جوف الفلك كالمُحَّةِ في جوف البيضة، وأنها في الوسط على مقدار واحد مِن جميع الجوانب. ومِن القدماء مِن أصحاب فيثاغورس مَن قال: الأرضُ متحرِّكةٌ دائماً على الاستدارة. والذى نرى مِن دوران الفلك إنما هو دَوْرُ الأرض لا دور الكواكب .. الخ)). اهـ
فقولك: (الأسس العلمية للدراسات الفلكية الحديثة إنما وضعها المسلمون وليس كبلر) ثم دللت بما قاله القزويني
أتريد بقولك: (الأسس العلمية للدراسات الفلكية الحديثة) ما توصل إليه كبلر وهو:
- كل كوكب يدور في مدار إهليجي حول الشمس تقع الشمس في إحدى بؤرتيه
- الخط الواصل بين الكوكب والشمس يمسح مساحات متساوية في أزمنة متساوية
- مربع زمن دورة الكوكب حول الشمس تتناسب تناسباً طردياً مع مكعب نصف المحور الكبير
أتريد أن تقول لنا أن هذه الأسس أخذها كبلر من القزويني!!! هذا عجيب.
¥