[خطر السحر]
ـ[أبو عبد الله الوهراني الجزائري]ــــــــ[16 - 10 - 09, 02:02 ص]ـ
[خطر السحر]
بسم الله الرحمن الرحيم
إن من المعلوم فطرة وعقلا وشرعا عند أهل الإيمان والعلم أن الله هو المتفرد بالألوهية والربوبية فالنفع والضر بيد الله وحده فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ولا يستحق العبادة والتعظيم والتقرب إلا هو وحده سبحانه لا شريك له.
لكن الناظر في حال المسلمين اليوم يجد كثيرا من الأمور المنافية لهذه العقيدة، ومنها السحر الذي عمّ وطمّ وضرب في الأرض بأطنابه، فغدا آفة خطيرة ومرضا فتاكا وصار سوقا رائجا يهرول إليه الناس ويصفون على أبوابه، ناسين لحقيقته، ولما كان النصح من حقوق المسلم على أخيه المسلم سأحاول بعون الله أن أضيء لكِ هذه الكلمة النابعة من قلب يقطر همّا وحزنا على أمة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم -نسأل الله أن يصلحنا- بكلام العليم الخبير وهدي السراج المنير حتى تكون سفينة نجاة في وقت كثرت فيه أمواج الهلاك والله وحده هو الهادي أولا وآخرا بيده الأمر من قبلُ ومن بعد.
أختاه! ما هو السحر؟ أصل السحر في اللغة صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره [1] , أما في اصطلاح العلماء فمن أحسن ما قيل فيه وأبينه ما عرّفه به العلامة ابن العربي المالكي رحمه الله في [أحكام القرآن (1/ 53)]: "كَلَامٌ مُؤَلَّفٌ يُعَظَّمُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى، وَتُنْسَبُ إلَيْهِ فِيهِ الْمَقَادِيرُ وَالْكَائِنَاتُ." وما قاله البيضاوي رحمه الله: "المراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما لا يستقل به الإنسان، وذلك لا يستَتِبّ إلا لمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس". [تفسير البيضاوي (1/ 140)].
أختاه, والسحر قائم على التفريق والخداع والإضرار والكذب والصفات الخبيثة, قال العليم الخبير: ?فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ?. [البقرة: 102] , فلما كان عملا خبيثا لم يقم به ولا يقوم به إلا أخبث المخلوقات وهم شياطين الجن والإنس, قال سبحانه وتعالى: ?وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ?. [البقرة: 102] , يتعاون شيطان الإنس (الساحر) مع شيطان الجن, الذي لا يخدمه إلا: بالتقرب إليه وإلى الشياطين الأخرى وارتكاب ما هو كفر بواح وشرك صراح مما يقتضي تعظيم غير الله قيّومِ السموات والأرض، ومن ذلك إهانة ما أوجب الله تعظيمه ككلام الله العظيم رب الملائكة والروح.
أختاه! أجمع علماء الملة الحنيفية على حرمة السحر بالكتاب والسنة, قال الله تعالى عن سحرة فرعون: ?إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى?. [طه: 73]. وقال سبحانه: ?فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ?. [يونس: 81]. وقال السراج المنير صلى الله عليه وسلم: «اجْتَنِبُوا الْمُوبِقَاتِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ .. ». [رواه البخاري في صحيحه 5764 عن أبي هريرة رضي الله عنه].
أختاه! تَعلُّم السحر وتعليمه كفر -والعياذ بالله- قال جل وعلا: ?وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ?. [البقرة: 102] , وقال جل شأنه: ?وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ?. [البقرة: 102] , وقال سبحانه أيضا: ?وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ?. [البقرة: 102] , إذ كل طُرُق تعلُّمِ السحر تشترك في كونها من قبيل الكفر والشرك الأكبر المخرج من الملة, قال ابن خلدون: ورياضة السحر كلها إنما تكون بالتوجه إلى الأفلاك والكواكب والعوالم العلوية والشياطين بأنواع التعظيم والعبادة والخضوع. [مقدمة بن خلدون: (2/ 195)] , قال الشيخ الدردير
¥