"وأما النار فإنها دار الخبث في الأقوال والأعمال والمآكل والمشارب ودار الخبيثين فالله تعالى يجمع الخبيث بعضه إلى بعض فيركمه كما يركم الشئ لتراكب بعضه على بعض ثم يجعله في جهنم مع أهله فليس فيها إلا خبيث, ولما كان الناس على ثلاث طبقات: طيب لا يشينه خبيث وخبيث لا طيب فيه وآخرون فيهم خبث وطيب, دورهم ثلاثة: دار الطيب المحض ودار الخبيث المحض وهاتان الداران لا تفنيان ودار لمن معه خبث وطيب وهي الدار التي تفنى وهي دار العصاة فإنه لا يبقي في جهنم من عصاة الموحدين أحد فإنه إذا عذبوا بقدر جزائهم أخرجوا من النار فأدخلوا الجنة ولا يبقي إلا دار الطيب المحض ودار الخبث المحض" اهـ
[الوابل الصيب: 24]
رابعاً: من النص السابق يمكن التوفيق بين كلام ابن القيم بأنه يقول بفناء نار الموحدين, وببقاء نار الكافرين, حيث يقول: "ودار لمن معه خبث وطيب وهي الدار التي تفنى وهي دار العصاة فإنه لا يبقي في جهنم من عصاة الموحدين أحد"
والله أعلم
العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني:
قال العلامةُ الألباني - رحمهُ اللهُ - في نسبةِ القولِ بفناءِ النارِ إلى الإمامِ ابنِ القيمِ - رحمهُ اللهُ - ما نصهُ:
" ويؤسفني أن أقولَ: إن القاديانيةَ في ضلالهم المشارِ إليه آنفاً (ص 73) يجدون متكئاً لهم في بعضِ ما ذهبوا إليهِ في بعضِ كتبِ أئمتنا من أهلِ السنةِ، فقد عقد العلامةُ ابنُ القيمِ في كتابهِ " الحادي " فصلاً خاصاً في أبديةِ النارِ، أطال الكلامَ فيه جداً، وحكى في ذلك سبعةَ أقوالٍ، أبطلها كلها، سوى قولينِ منها:
الأولُ: أن النارَ لا يخرجُ منها أحدٌ من الكفارِ، ولكن الله عز وجل يفنيها، ويزولُ عذابها.
والآخرُ: أنها لا تفنى وأن عذابها أبدي دائمٌ.
وقد ساق فيه أدلةَ الفريقين وحججهم من المنقولِ والمعقولِ، مع مناقشتها، وبيان ما لها وما عليها.
والذي يتأملُ في طريقةِ عرضه للأدلةِ ومناقشتهِ إياها، يستشعر من ذلك أنه يميلُ إلى القولِ الأولِ ولكنهُ لم يجزم بذلك، فراجع إن شئتَ الوقوفَ على كلامهِ مفصلاً الكتابَ المذكورَ.
ولكنني وجدتهُ يصرحُ في بعضِ كتبهِ الأخرى بأن نارَ الكفارِ لا تفنى وهذا هو الظنُ بهِ، فقال رحمهُ اللهُ في " الوابلِ الصيبِ " (ص 26) ما نصهُ: " وأما النارُ فإنها دارُ الخبثِ في الأقوالِ والأعمالِ والمآكلِ والمشاربِ ودارُ الخبيثين، فاللهُ تعالى يجمعُ الخبيثَ بعضهُ إلى بعضٍ فيركمهُ كما يركمُ الشيء لتراكبِ بعضهِ على بعضِ، ثم يجعلهُ في جهنمَ مع أهلهِ، فليس فيها إلا خبيثٌ. ولما كان الناسُ على ثلاثِ طبقاتٍ: طيبٍ لا يشوبهُ خبثٌ، وخبيثٍ لا طيبَ فيه، وآخرون فيهم خبثٌ وطيبٌ كانت دورهم ثلاثةً: دار الطيبِ المحضِ، ودار الخبثِ المحضِ، وهاتان لا تفنيان .... ".ا. هـ.
[الضعيفةِ (2/ 74 - 75)]
******
العلامة عبد العزيز الراجحي:
سئل فضيلة الشيخ عبدالعزيز الراجحي -حفظه الله- ما مدى ثبوت نسبة فناء النار إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم؟
فأجاب: ليس بصحيح هذا باطل، شيخ الإسلام -رحمه الله- صريح في مؤلفاته أنه لا يقول بفناء النار، وهنا الآن رسالة دكتوراه أشرف عليها وقد طبعت وستناقش -إن شاء الله قريبًا- في كلية أصول الدين في جامعة الإمام، أثبت فيها الباحث أن شيخ الإسلام لا يقول بهذا، أثبت بالأدلة والنقول من كلامه بأنه يقول بأن الجنة والنار دائمتان لا تفنيان، أما ابن القيم ففي كتاب "حادي الأرواح" ذكر بعض الآثار وبعض الأدلة للقائلين بفناء النار، لكنه ليس صريحًا أيضًا في أنه يقول بفناء النار، لكن ذكر بعض الأدلة لمن يقول بفناء النار. فالصواب أنهما لا يقولان، لا يقولان بفناء النار.
[شرح كتاب الرد على الزنادقة للإمام أحمد]
******
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
السؤال الثالث عشر من الفتوى رقم (4264)
س 13: هل صح عن الإمام ابن القيم أنه أنكر شد الرحال إلى قبر الخليل وأين هذا القول، وهل يجوز شد الرحال إلى قبر الخليل، وإن كان يجوز فما الدليل عليه؟ وهل قال ابن القيم بفناء النار. وأين هذا القول؟
ج 13: أولا: شد الرحال لا يجوز إلا إلى المساجد الثلاثة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، وهذا قول ابن القيم رحمه الله وشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية وجمع كثير من أهل العلم؛ عملا بالحديث المذكور، وبذلك تعلم أنه لا يجوز في أصح قولي العلماء شد الرحال لقبر الخليل ولا غيره من القبور للحديث المذكور.
ثانيا: رأي ابن القيم في فناء النار يمكنك أن ترجع إليه في كتابه [الوابل الصيب] فقد صرح فيه بأن النار لا تفنى، كما هو قول جمهور أهل السنة والجماعة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان
عضو عبد الله بن قعود
¥