تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يسبقه شيء، ولم يعارضه في الأولية، لكن أشار بقوله: "وكان عرشه على الماء" إلى أن الماء والعرش كانا مبدأ هذا العالم لكونهما خلقا قبل خلق السموات والأرض، ولم يكن تحت العرش إذ ذاك إلا الماء. ومحصل الحديث أن مطلق قوله: "وكان عرشه على الماء" مقيد بقوله: "ولم يكن شيء غيره" والمراد بكان في الأول الأزلية وفي الثاني الحدوث بعد العدم. وقد روى أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي رزين العقيلي مرفوعا: "أن الماء خلق قبل العرش" وروى السدي في تفسيره بأسانيد متعددة "أن الله لم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء" وأما ما رواه أحمد والترمذي وصححه من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا: "أول ما خلق الله القلم، ثم قال اكتب، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة" فيجمع بينه وبين ما قبله بأن أولية القلم بالنسبة إلى ما عدا الماء والعرش أو بالنسبة إلى ما منه صدر من الكتابة، أي أنه قيل له اكتب أول ما خلق، وأما حديث: "أول ما خلق الله العقل" فليس له طريق ثبت، وعلى تقدير ثبوته فهذا التقدير الأخير هو تأويله والله أعلم. وحكى أبو العلاء الهمداني أن للعلماء قولين في أيهما خلق أولا العرش أو القلم؟ قال: والأكثر على سبق خلق العرش، واختار ابن جرير ومن تبعه الثاني، وروى ابن أبي حازم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "خلق الله اللوح المحفوظ مسيرة خمسمائة عام، فقال للقلم قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش: اكتب، فقال وما أكتب؟ قال علمي في خلقي إلى يوم القيامة" ذكره في تفسير سورة سبحان، وليس فيه سبق خلق القلم على العرش، بل فيه سبق العرش. وأخرج البيهقي في "الأسماء والصفات" من طريق الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: "أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب، فقال: يا رب وما أكتب؟ قال أكتب القدر،

(6/ 289)


فجرى بما هو كائن من ذلك اليوم إلى قيام الساعة" وأخرج سعيد بن منصور عن أبي عوانة عن أبي بشر عن مجاهد قال: "بدء الخلق العرش والماء والهواء، وخلقت الأرض من الماء" والجمع بين هذه الآثار واضح. قوله: "وكتب" أي قدر. "في الذكر" أي في محل الذكر، أي في اللوح المحفوظ. "كل شيء" أي من الكائنات. وفي الحديث جواز السؤال عن مبدأ الأشياء والبحث عن ذلك وجواز جواب العالم بما يستحضره من ذلك، وعليه الكف إن خشي على السائل ما يدخل على معتقده. وفيه أن جنس الزمان ونوعه حادث، وأن الله أوجد هذه المخلوقات بعد أن لم تكن، لا عن عجز عن ذلك بل مع القدرة. واستنبط بعضهم من سؤال الأشعريين عن هذه القصة أن الكلام في أصول الدين وحدوث العلم مستمران في ذريتهم حتى ظهر ذلك منهم في أبي الحسن الأشعري، أشار إلى ذلك ابن عساكر. قوله: "فنادى مناد" في الرواية الأخرى "فجاء رجل فقال: يا عمران" ولم أقف على اسمه في شيء من الروايات. قوله: "ذهبت ناقتك يا ابن الحصين" أي انفلتت، ووقع في الرواية الأولى "فجاء رجل فقال: يا عمران راحلتك" أي أدرك راحلتك فهو بالنصب، أو ذهبت راحلتك فهو بالرفع، ويؤيده الرواية الأخرى ولم أقف على اسم هذا الرجل. وقوله: "تفلتت" بالفاء أي شردت. قوله: "فإذا هي يقطع" بفتح أوله "دونها السراب" بالضم أي يحول بيني وبين رؤيتها، والسراب بالمهملة معروف، وهو ما يرى نهارا في الفلاة كأنه ماء. قوله: "فوالله لوددت أني كنت تركتها" في التوحيد "أنها ذهبت ولم أقم" يعني لأنه قام قبل أن يكمل النبي صلى الله عليه وسلم حديثه في ظنه، فتأسف على ما فاته من ذلك. وفيه ما كان عليه من الحرص على تحصيل العلم. وقد كنت كثير التطلب لتحصيل ما ظن عمران أنه فاته من هذه القصة إلى أن وقفت على قصة نافع بن زيد الحميري فقوي في ظني أنه لم يفته شيء من هذا القصة بخصوصها لخلو قصة نافع بن زيد عن قدر زائد على حديث عمران، إلا أن في آخره بعد قوله وما فيهن "واستوى على عرشه عز وجل". الحديث الثاني حديث عمر قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم " الحديث. قوله: "وروى عيسى عن رقبة" كذا للأكثر وسقط منه رجل فقال ابن الفلكي: ينبغي أن يكون بين عيسى ورقبة أبو حمزة، وبذلك جزم أبو مسعود. وقال الطرقي: سقط أبو حمزة من كتاب الفربري وثبت في رواية حماد بن شاكر فعنده عن البخاري "روى عيسى عن أبي حمزة عن رقبة قال"
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير