من جهة أخرى إذا بدأ المسلم يتفكر بصفات الله أي ما هي صفات الله (الرحمة – الغفور- الخالق – المبدع – المصور- ..... ) وما هو انعكاسها على أرض الواقع فإنّ هذا التفكير يعتبر عبادة وإيمان جعلنا الله وإياكم من أهل التفكر الصحيح والإيمان الصريح.
وكان علماء الهدى والخير ومنهم الإمام الشافعي دوماً وأبداً يتصدّون لأهل الكلام والبدع ويربّون طلابهم على ذلك, فقد روي عن الشافعي بعض الأقوال في الكلام وأهله من هذه الأقوال:
§ ما ارتدى احد بالكلام فأفلح [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn3) .
§ لو علم الناس ما في الكلام والأهواء لفروا منه كما يفرون من الأسد [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn4) .
§ الشافعي يقول والله لأن يفتي العالم فيقال أخطأ العالم خير له من أن يتكلم فيقال زنديق وما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله, قال الذهبي هذا دال على أن مذهب أبي عبد الله- أي الشافعي - أنّ الخطأ في الأصول ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn5), لذلك نرى أنّ علماءنا القدماء الأفاضل كانوا يتشددون في الأصول وفي العقيدة والحمد لله أنّ جميع أهل السنة متفقون على الأصول أمّا في مسائل الفروع فالاختلاف فيها توسعة ورحمة للمسلمين.
§ قال المزني سألت الشافعي عن مسألة من الكلام فقال سلني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت أخطأت ولا تسألني عن شيء إذا أخطأت فيه قلت كفرت [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn6).
§ الشافعي يقول: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل و يطاف بهم في العشائر ينادى عليهم هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة واقبل على الكلام [7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn7).
ج- تربية طلابه على وعلى عدم التفكير بأمور منهي عنها كالتفكير بذات الله وما شابه ذلك:
و هنا لا بدّ لنا أن نستعرض بعض القصص المفيدة التي نرى فيها الأسلوب التربوي العقائدي عند الشافعي لطلابه, فمن هذه القصص القصة التي يرويها المزني عن نفسه وهو أحد تلامذة الشافعي فيقول المزني [8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn8):
قلت إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي, فصرت إليه وهو في مسجد مصر فلما جثوت بين يديه قلت هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحدا لا يعلم علمك فما الذي عندك؟
فغضب- أي الشافعي - ثم قال أ تدري أين أنت؟!
قلت:نعم.
قال هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون!
أبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك؟
قلت: لا
قال هل تكلم فيه الصحابة؟
قلت: لا
قال تدري كم نجما في السماء؟
قلت: لا
قال:فكوكب منها تعرف جنسه طلوعه أفوله مم خلق؟!
قلت: لا.
قال: فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقه!
ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه,
فقال: شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه وتتكلف علم الخالق! إذا هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى الله وإلى قوله تعالى ((وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم, إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون إن في خلق السماوات والأرض ((البقرة 163 - 164 ,فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف علم ما لم يبلغه عقلك!
قال المزني: فتبت. انتهى.
سبحان من علمك الحكمة والمنطق يا إمام! ما شاء الله ما أعقلك يا شافعي! والله نحن بحاجة لمثلك والله شباب اليوم بحاجة إلى علماء مجددين لدين محمد أصحاب منطق وحجة وبرهان, وإقناع يضربون الأمثلة المنطقية والعلمية ثم يستشهدون بقال الله وقال رسول الله.
¥