وأسلوب الشافعي في القصة السابقة يعطينا درساً دعوياً واضحاً في أسلوب الدعوة إلى الله , فعلى الداعي إلى الله أن لا يكتف بقال الله وقال رسول الله , بل عليه أن يطرح الأمثلة البسيطة و الأساليب العلمية ثم يتدرج رويداً رويداً حتى يصل إلى فكرته , فنلاحظ من القصة السابقة كيف تدرج الشافعي في تعليمه للمزني فلم يقل له مباشرة قال الله وقال رسول الله , بل تدرج معه في سلم الحكمة والمنطق السليم حتى أوصله إلى قناعة صحيحة بقول تعالى ((وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم, إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر ----- ((البقرة 163 - 164 , لذلك حري بدعاتنا وعلماؤنا أن يتعلموا من الشافعي كيف تكون التربية العقائدية السليمة!.
و هناك بعض الدعاة للأسف يأتيهم رجل عنده مشكلة في التوحيد فيزجروه ويوبخوه أحياناً والبعض أحياناً يقوم بإعطائه ورداًً وذكراً خاصاً؟! .... وهذا عين الجهل والخطأ بل يجب أن يناقش ذلك المسلم بأسلوب مبسط وأن يبين له مكان خطاه حتى يصل قناعة مفيدة, فلا الأذكار ولا غيرها تفيد ما لم يكن هناك عقيدة سليمة يعرف من خلالها المسلم أين يضع عقله وقلبه.
وفي حادثة أخرى جاء رجل إلى المزني يسأله عن شيء من الكلام فقال إنِّي أكره هذا بل أنهى عنه كما نهى عنه الشافعي لقد سمعت الشافعي يقول سئل مالك عن الكلام والتوحيد فقال: محال أن نظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنَّه علَّم أمَّته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد, والتوحيد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" فما عصم به الدم والمال حقيقة التوحيد [9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn9). انتهى
فحقيقة التوحيد هي لا إله إلا الله وأمّا التفكر والسؤال عن كيفية استواء الرحمن؟! وكيف وسع كرسيه السماوات والأرض؟! ...... فهذه من الضلال والبدع أعاذنا الله وإياكم من شر محدثات الأمور.
ت- عقيدة الشافعي في الأسماء والصفات:
وقال شيخ الإسلام علي بن احمد بن يوسف الهكاري في كتاب عقيدة الشافعي ... حدثنا يونس بن عبد الأعلى سمعت أبا عبد الله الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله تعالى وما يؤمن به فقال أي الشافعي:
لله أسماء وصفات جاء بها كتابه, وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته , لا يسع أحدا قامت عليه الحجة ردها لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القول بها فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر , فأمّا قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالروية والفكر, ولا نكفِّر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها ونثبت هذه الصفات وننفي عنها التشبيه كما نفاه عن نفسه فقال ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) الشورى 11.
ط- توجيهاته لمقلديه بلزوم السنة النبوية وعدم تقديم رأيه والعياذ بالله على السنة الصحيحة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
كان الأئمة رضوان الله عليهم أحرص الناس على إتباع سنة رسول الله صلى عليه وعلى آله وسلم , لأنهم يفهمون قول الله عزّ وجلّ ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)) الأحزاب 21, ويعلمون أن السلامة تكون بتطبيق سنة أبي القاسم سلام الله عليه.
لذلك نرى دوماً أنّ الشافعي وغيره من أئمة الهدى كانوا دوماً ينبهون طلابهم ومقلديهم إلى أصل هام ألا وهو: إتباع السنة وعدم تقليد الشافعي ولا غيره في حال تعارض رأي الشافعي أو غيره مع السنة , ولكن للأسف هذه القاعدة لم يفهما بعض طلاب العلم وبعض الدعاة فنراهم لا يقبلون النقاش العلمي أو الانتقاد الصحيح لأي قول من أقوال الشافعي, ونسوا بذلك أنّ الإمام الشافعي بشر قد يخطئ وهذا هو الغلو والعياذ بالله.
فنحن لا نتبع أقوال أحد إلا أقوال محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإما أقوال العلماء والأئمة التي لم تستند على دليل من القرآن و السنة أو الإجماع أو القياس فهي للنقاش والاجتهاد.
¥