أما أنا، فسأظل إن شاء الله – ورعايته أستلهمها وعونه أستمده – أثيرها حرباً على الصوفية في تراثها الوثني لا الوطني، ومعتقداتها الفاسدة، وما نبتغي بها سوى الذياد عن الحق، ورضا الحق، ولن يروعنا في سبيل الله منكم وعيد. نعم سأظل – وعلى الله توكلت – أحارب باطل الصوفية بالحق من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم و آثار سلفنا الصالح. فإنها محسوبة على الإسلام، بل يظن الكثير في أقطابها أنهم مشارق ربانية، وينابيع نورانية، ومثل عليا للروحانية، حق على كل مسلم تمزيق هذه الأقنعة التي نسجتها تهاويل الأوهام، وأفانين الأساطير؛ لكيلا يحتج على دين الله بدين الصوفية؛ وليؤمن المسلمون أن الخير والهدى والسعادة في الاعتصام بكتاب الله وحده، والاقتداء بخاتم النبيين وحده، فهو أخلص الخلق توحيداً لربه، وأهداهم إيماناً به، وأزكاهم طاعة، وأشدهم تقاةً، وأرفهم بما نزله الله عليه، وهداه، وهدى المسلمين به.
5.ابتداع الناظم لمملكات إيزاء ملكوت الله-جل وعلا- تنزع إلى تجريد الله من الربوبية و الألوهية (ص:12):
قال الناظم:
لها الجَمعُ جَمْعُ الجَمْعِ جَمَعُ اتحادها .. أصول لها شهود في كل لمحة
فأولها وليٌّ ثم نقيبها ... نجيب كذا الأبدال فاقوُا برتبة
عمادهم الأخيار أوتادهم حُبُوا ... بخاصية المولى هم أهل الخصاصة
وغوث استغاث ثم جرس علومها ... وقطب له أعلى مقام الولاية
التعليق:
أسطورة خرافية، تنزع إلى تجريد الله من الربوبية والإلهية، وخلعهما على وهم باطل سمي في الفلسفة: "العقل الأول" وفي المسيحية: "الكلمة" وفي الصوفية: "القطب"!.
والقطب: هو أكمل إنسان متمكن في مقام الفردية، أو الواحد الذي هو موضع نظر الله في الأرض في كل زمان، عليه تدور أحوال الخلق، وهو يسري في الكون، وأعيانه الباطنة والظاهرة سريان الروح في الجسد، ويفيض روح الحياة على الكون الأعلى والأسفل، وقد يسمى "الغوث" باعتبار التجاء الملهوف إليه (انظر جامع الأصول للكمشخانلي والتعريفات للجرجاني تحت مادة "قطب").
والقطب عند الصوفية نوعان. أحدهما: حادث أو حسي، والآخر قديم، أو معنوي، وهو الحقيقة المحمدية، يقول القاشاني: "وهو – أي القطب – إما قطب بالنسبة إلى ما في عالم الشهادة من المخلوقات يستخلف بدلا منه عند موته من أقرب الأبدال منه، أو قطب بالنسبة إلى جميع المخلوقات في عالم الغيب والشهادة، ولا يستخلف بدلا من الأبدال، ولا يقوم مقامه أحد من الخلائقن وهو قطب الأقطاب المتعاقبة في عالم الشهادة لا يسبقه قطب، ولا يخلفه آخر، وهو الروح المصطفوي المخاطب بلولاك، لما خلقت الكون (ص 103 جـ 2 كشف الوجوه الغر للقاشاني، وقد ادعى ابن الفارض لنفسه أنه القطب القديم وقطب الأقطاب
في دارت الأفلاك، فاعجب لقطبها الـ محيط، والقطب مركز نقطة
ولا قطب قبلي عن ثلاث خلقته وقطبية الأوتاد عن بديلة).
لا حركة لها، وإنما هو الروح القائم فيها جملة وتفصيلاً، ثم تصرفه في مراتب الأولياء، فلا تكون مرتبة في الوجود لعارفين والأولياء خارجة عن ذوقه، فهو المتصرف في جميعها، والممد لأربابها، به يرحم الوجود، وبه يبقى الوجود في بقاء الوجود رحمة لكل العباد، وجوده في الوجود حياة لروحه الكلية وتنفس نفسه يمد الله به العلوية والسفلية. ذاته مرآة مجردة، يشهد فيها كل قاصد مقصده (ص 81 وما بعدها جواهر المعاني).
يتحدث تيجاني عنه بقوله: "ومما أكرم الله به قطب الأقطاب، أن يعلمه علمما قبل وجود الكون، وما وراءه، وما لا نهاية له، وأن يعلمه علم جميع الأسماء القائم بها نظام كل ذرة من جميع الموجودات، وأن يخصصة بأسرار دائرة الإحاطة، وجميع فيوضه، وما احتوى عليه (ص 79 جـ 2 المصدر السابق) ".
"قطب الأقطاب في كل وقت لا تقع بينه وبين الرسول حجابية أصلاً، وحيثما جال رسول الله من حضرة الغيب، ومن حضرة الشهادة، إلا وعين قطب الأقطاب متمكنة من النظر إليه، لا يحتجب عنه في كل لحظة من اللحظات (ص 63 المصدر السابق) " وحسبك هذا من تلك الأسطورة التي ألهتها الصوفية، وجعلت منها رباً أكبر يعبد ويخشى ويرهب (العجيب أن ابن الحاج – وله سابقة فضل في محاربة البدعة – يؤمن بهذه الأسطورة ويقول عن القطب "إن الله تعالى يديره في الآفاق الأربعة من أركان الدنيا كدوران الفلك في أفق السماء" انظر ص 328 مشتهى الخارف لمحمد بن
¥