قلت:كذا ذكر، وحداه ذلك إلى إخراج ما صح من كون الله تعالى مسمى بـ (الأكبر، والأجل، والأعلى)، وقد ثبت ذلك بطرق متكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" الله أكبر" " الله أعلى وأجل".
وذلك لأن الدكتور زعم أن التقدير: أكبر وأعلى وأجل من غيره، فهذه أسماء تفضيل مقيدة، والناظر في التقييد يجده لفظيًا فحسب، وهو متعين في جميع الأسماء فأنت تقول: الله سميع وبصير وحكيم وعليم وحي ونحو ذلك، ثم تقول إن معنى كونه سميعًا: أي سميع بكل مسموع، ومعنى كونه بصيرًا: بصير بكل مبصر، كما قال السفاريني:
وسمعه سبحانه كالبصرِ ... بكل مسموعٍ وكل مبصرِ
وهذا في الوضع التركيبي تقييد لفظي وإن كان في الحقيقة ليس تقييدًا، فقولنا: الله كبير، ليس أقل حسنًا في المعنى من قولنا: الله أكبر. بل الأخير متعين من باب الأولى.
الشرط الرابع: دلالة الاسم على الوصف فلا بد أن يكون اسما على مسمى.
الشرط الخامس: أن يكون الوصف الذي دل عليه الاسم في غاية الجمال والكمال.
هذه شروطه وقد تقدم التعليق عليها تعليقًا مختصرًا ....
ثم إنه ألزم الناس بتلك الأسماء التي جمعها بتلك الشروط وفرض عليهم التسليم بها دون سواها، وليته اكتفى بذلك فلو فعل لكان الأمر هينًا، ولكنه ذهب إلى أن تلك الأسماء التسعة والتسعين هي المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم:" إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة".
بل ذهب -أيضًا- إلى أن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا مطلقًا وتسعة وتسعين اسمًا مقيدًا، وجعل ذلك تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم:" إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا" فجعل (التسعة والتسعين) هي المطلقة، وجعل (المائة إلا واحدًا) هي المقيدة خلافًا لعلماء الأمة قاطبة الذين قرروا أن تسعة وتسعين اسمًا فحسب هي المعلق على إحصائها دخول الجنة.
فكتبت في ذلك مقالًا منشورًا في بعض مواقع الإنترنت ملخصه نقد الدكتور في مسائل إحصاء الأسماء وشروطه ومن ذلك:
أولًا: أن في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:" إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا" دلالة على التسعة والتسعين اسمًا المطلقة والتسعة والتسعين المقيدة.
ثانيًا: تعليق دخول الجنة على التسعة والتسعين التي أحصاها.
ثالثًا: عدم احتجاجه بالحديث الحسن في إثبات الأسماء الحسنى.
رابعًا: موالاته ومعاداته على كتابه وما جمعه فيه.
خامسًا: ادعاؤه أن الشروط التي ذكرها في إحصاء الأسماء لا تنطبق إلا على تسعة وتسعين اسمًا فحسب.
ثم إني إتمامًا للنصح له بعثت بمقالي ذلك إليه عن طريق بريده الإلكتروني، وتأكدت من وصوله إليه بمكاتبته بريديًا في ذلك، فأخبرني أنه قرأ المقال وعرف ما فيه، ولكني لم أحسن فهم كلامه!، ثم أتصل بي هاتفيًا – وأنا أشكر فيه ما حمله على ذلك - فدار بيننا الحوار على النحو الآتي، وفي بعضه ما لا أضبطه لفظيًا، وفيه زوائد أذكرها ليست في المكالمة لأن الغرض تعميم الفائدة وإقامة الحجة لا إظهار ضعف مذهب الدكتور -عفا الله عنا وعنه-:
قلت له: يا دكتور، الأسماء التي جمعتها هذه، من أين استخرجت شروطها؟ أمن كتاب الله؟ أمن سنة رسول الله؟ أم من أين؟
فقال: ليست من كتاب الله ولا من سنة رسول الله، ولكن هذه الشروط لم تنطبق إلا على تسعة وتسعين اسمًا فدل ذلك على أنها المعنية في قول النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الله لا يعلق دخول الجنة على أسماء لا يعرفها أحد.
فقلت له: تستطيع أن تقول إن هذه الأسماء التسعة والتسعين التي جمعتها أسماء لله يكفيك ذلك وقد تنازع فيه، ولكن من أخبرك أن هذه هي التي عُلِّقَ على إحصائها دخول الجنة؟ بأي علم تقول ذلك؟!!
أما عدم معرفة الناس لها فذلك لتشوف الشارع إلى البحث عنها، ومن استخرجها بقرائن علمية واجتمع قلبه على أنها أسماء الله المذكورة لا ينبغي له الجزم بأن من أحصى ما جمعه من الأسماء فقد حقق الشرط المذكور في الحديث، كما لا ينبغي له أن يلزم الناس بها ويوالي ويعادي طلبة العلم عليها، ويرفع قضية على شيخ الأزهر ليستبدل الأسماء التي جمعها بالأسماء الموجودة في الكتب المقررة على المعاهد الدينية، ويلقي عددًا من الخطب في هجاء من لم يلتزمها، بل ويرد على دعاة الفضائيات! الذين رفضوا أن يعطوه الفرصة في قنواتهم لبيان عمله العظيم وجهده الجهيد في جمع الأسماء الحسنى التي من
¥