[مشاهداتي في ضريح بويا عمر ... محمد القريفي]
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[07 - 11 - 09, 05:42 م]ـ
مشاهداتي في ضريح بويا عمر
محمد القريفي
بداية ينبغي أن ألفت انتباه القارئ الكريم أنني وجدت صعوبة كبيرة في كتابة هذا التحقيق عن ضريح بويا عمر الذي اشتهر بين المغاربة بأنه مأوى المجانين والممسوسين والموسوسين، فما إن وطئت أقدامي عتبات الضريح،حتى وجدت الأعين تترصد كل إنسان غريب عن المنطقة،مخافة أن يندس بين الزائرين أحد الصحفيين الفضوليين.
أثر التحقيق الصادم الذي بثته القناة الأولى حول ضريح بويا عمر:
وهذا إن دل على شيء فإنما يبرهن على نجاح التحقيق الصادم الذي بثته القناة الأولى إلى حد ما في كشف وتعرية ما يدور في كواليس ضريح بويا عمر،وإن كنا نأخذ على هذه القناة وغيرها من الوسائل الإعلامية التي تصدت لمقاربة ظاهرة الأضرحة بالمغرب، أنها تبقى لحد الآن دراسات سطحية لم تنفد إلى عمق الإشكال،حيث ركزت على ما يجري فيها من انتهاكات لحقوق الإنسان،وهذا أمر مطلوب ولا غبار عليه،لكنها غظت الطرف عن الحديث عما ما يجري فيها من مخالفات عقدية تنتهك فيها جهارا ونهارا حقوق الرحمان قبل حقوق الإنسان.
اعتداء حراس ضريح بويا عمر على كل من يحاول فضح مشروعهم الخرافي الشركي:
إن من يتأمل في أعين سدنة ضريح بويا عمر سيلاحظ بأنهم مستعدون للدفاع عن معقلهم الشركي بكل ما أتوا من قوة، حتى لو اقتضت الضرورة استعمال العنف الجسدي لإرغام من يحاول المساس بمقدساتهم،و يجرؤ على فضح مشروعهم الخرافي الشركي العفن.
وهذا ما تأكد فعليا وبصورة عملية،عندما تعرض ثلاثة صحفيين إسبان للاعتداء صباح يوم السبت 8 نونبر 2008 للضرب أثناء قيامهم بمهمة صحفية بضريح بويا عمر، فبينما كانوا يلتقطون صورا لنزلاء الضريح،حتى فوجئوا بمجموعة من (الحفاظ) الفئة المكلفة بحماية النزلاء،وهم يهجمون عليهم رميا بالحجارة،كما قام (الحفاظ) بنزع كاميرا التصوير وتهشيمها على الأرض،فضلا عن السب والشتم بكلام بذيء،كما طلب الحاج عمر عضو جمعية الشرفاء من الصحفيين الإسبان الرحيل،وأخبرهم بأن بطاقة الصحافة ليست كافية للقيام بعملية التصوير لأماكن خاصة.
في هذا الجو المشحون بالإرهاب العضلي الذي يمارسه حراس ضريح بويا عمر،ألفيت نفسي في وضع لا يحسد عليه،وبالتالي فالدخول إلى هذا الضريح بغية كشف وتحقيق ما يجري داخله يعتبر مغامرة غير مأمونة العواقب،وتتطلب نوعا من السرية والتكتم والحيلة، أما أن تصطحب معك كاميرا التصوير،فهذا من رابع المستحيلات،وقد يعرضك للعقاب إن أنت أصررت على ذلك كما حصل لأولئك الصحفيين الإسبان.
عندئذ قررت أن ألج بوابة الضريح،عاقدا العزم على التصوير خلسة،كما فعلت في ضريح سيدي رحال البودالي كما سيأتي معنا في الحلقة الموالية إن شاء الله،إلا أنني هذه المرة لم أفلح في التقاط صور داخلية للضريح،حيث وجدت أمامي جدارا بشريا يستعصى علي مناورته أو تجاوزه.
أتدرون ما هو هذا الجدار البشري؟
حُجاج من نوع خاص يزورون قبر سيدي محمد بن عيسى المعروف باسم الشيخ الكامل في ضريحه بمدينة مكناس.
إنه رجل ضخم الهيئة يبدو من خلال حركاته وتعابير وجهه أنه أحد الحراس القائمين على الضريح،والذي جعلني أرجح هذا الظن تصرفه المفاجئ،حيث كان يستلقي على ظهره وفي ذات الوقت يتأبط بذراعيه صندوق النذور، الذي يضع فيه الزوار مبلغا ماليا،بمجرد انتهائهم من الزيارة،وكان بين الفينة والأخرى يتجاذب أطراف الحديث مع بعض النسوة الجالسات في فناء الضريح.
وحالما دخلت إلى القبة،ورغم أنني حرصت على إخفاء الكاميرا إلا أن ذلك الرجل بدأ يتابع تحركاتي،ولم تفارقني عيناه الجاحظتين لحظة،حتى إنه سرعان ما قام واقفا على رجليه بعدما كان مستلقيا على ظهره،حتى يكثف من عملية المراقبة أكثر.
وحرصا مني على عدم استفزازه استأذنته في التقاط بعض الصور للقبة والضريح،فوجدت منه الرفض القاطع،مذكرا إياي بمضمون اللوحة التي علقت على باب الضريح والتي تفيد منع استعمال أية كاميرا أو هاتف نقال للتصوير،فقلت في نفسي،نعم قد يستطيع هذا السادن أن يمنعني من استعمال الكاميرا،لكنه نسي أو تناسى،أن الله عز وجل منحنا نعمة البصر،وهي نعمة غالية تسجل ما لا تسجله أحدث الكاميرات تكنولوجيا.
¥