والحقيقة المعلومة أو حقيقة الحقائق عند ابن عربي –كما جاء في المعجم الصوفي-: «هي عبارة عن حقيقة معقولة تجمع في ذاتها جميع ماهيات الحق والخلق المعقولة، فهي مجموع ماهيات الحضرتين الإلهية والكونية، وهبي بذلك أصل العالم» ([7]).
أما الهباء فهو: «المادة المحدثة التي خلق الله فيها صور العالم. فهي الجوهر المظلم الذي قبل صور أجسام العالم، وهي ما يسميها الفلاسفة: الهيولي» ([8]).
ولم يكن هذا المعتقد مختصًا بابن عربي، بل متأخريهم على ذلك: يقول أحدهم: «إن العالم الواسع الذي يحيط بالعالم المادي ويهيمن عليه، بلويتخلله، هو عالم روحي يسميه حضرة الشيخ محمد الكستزان (قدس الله سره): الحقيقةالنورانية المحمدية، وتلك الحقيقة هي نور مطلق يُستمد وجوده من ذات الله -سبحانهوتعالى- ويمدّ بوجوده العوالم والموجودات، أي هو الوسيط النوراني بين القديم (الله)،والحادث (المادة)» ([9]).
وخلاصة الأمر: أن النور المحمدي عند الصوفية هو أول ظاهر في الوجود، وأن وجوده من تلك الحقيقة الكلية التي لا تتصف بالوجود ولا بالعدم، ومن الهباء الذي هو جوهر مظلم يقبل صور الأجسام، ومن النور الإلهي الذي تجلى به على ذلك الهباء ([10]).
نسأل الله العافية ...
([1]) "المعجم الصوفي" لسعاد الحكيم ص347.
([2]) "سر الأسرار ومظهر الأنوار" ص6 - 7.
([3]) "مسيرتي في طريق الحق" ص62 - 64.
([4]) "روح البيان" (1/ 327).
([5]) "الفتوحات المكية" (1/ 118).
([6]) " الفتوحات المكية " (1/ 119).
([7]) " المعجم الصوفي " لسعاد الحكيم ص345.
([8]) " المعجم الصوفي " لسعاد الحكيم ص1096.
([9]) "خوارق الشفاءالصوفي والطب الحديث" للأستاذ الدكتور الشيخ نهرو بن الشيخ محمد عبد الكريمالكسنزان الحسيني ص78.
([10]) انظر أيضًا: "لطائف الإعلام" (2/ 366، 433)، و"معجم اصطلاحات الصوفية" للكاشاني ص37، و"الإنسان الكامل" للجيلي (1/ 25)، و"التعريفات" للجرجاني ص95.
([1]) "مفردات ألفاظ القرآن" (2/ 458).