تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[19 - 11 - 09, 04:11 م]ـ

الطرائق في الحجاز (علاج داء الطرائق)

لما فتح الله هذه البلاد المباركة لعباده المصلحين وجدوا فيها داء الطرق يسمها و يمزق أوصالها ويهوي بها في دركات الانحطاط فتوجهت العناية منهم جزاهم الله خيرا إلى علاج هذا الداء الوبيل على احسن حال من اللين و السهولة و الملاطفة رفقا بالناس و تحميا من غعانتهم فنظر في ذلك رئيس هيئة مراقبة القضاء العالم العامل المصلح الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ أدام الله فضلهم فأمر بإحصار الزوايا التي بمكة المشرفة ثم دعا مشايخها فقال لهم ما تريدون بهذه الزوايا فقالوا لذكر الله و مذاكرة العلم فقال أحسنتم و إن الحكومة تريد مساعدتكم على هذا العمل الصالح بان ترتب في كل زاوية رجلا من طلبة العلم يصلي فيها المكتوبات ويعلم أهلها ما أوجب الله عليهم تعلمه و يذكرهم و يعظهم بكتاب الله و سنة نبيه وكلام أئمة أهل السنة رحمهم الله فأجاب أكثرهم لذلك فرتب في كل زاوية رجلا من المصلحين و تعلل بعضهم بان الزاوية ملك لهم لم يجعلوها وقفا وهي ملاصقة لبيوتهم فتارة يجعلون فيها ضيفا-يريدون الوفود التي تأتي بالنذور-وتارة يخزنون فيها أمتعتهم فلا يمكن أن تكون مسجدا ففحص الشيخ في دعواهم فوجدها غير صحيحة فقال لهم أنتم أقررتم بأنكم جعلتم هذا المكان لذكر الله و مذاكرة العلم فما كان لكم أن ترجعوا في ذلك ولا سيما بعد ما كفيتم مؤونة الإمام و الوعظ فاذعنوا لذلك وبه مات الشهيق و النهيق الذي كانوا يزعمون أنه ذكر الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وغاض ماء النذور الغمر:

(وساء ساوة أن غاضت بحيرتها .. ورد واردها بالغيظ حين ظمي)

ثم توجه الشيخ عبد الله بن حسن بارك الله في أعماله بأمر الملك أيده الله إلى المدينة ومعه معاونه الأستاذ الشيخ محمد بن التركي وكاتب هذه السطور و الأستاذ الشيخ محمد عبد الرزاق المصري خطيب المسجد النبوي ومراقب الأمور الدينية فيه إلى طيبة الطيبة لينظر الشيخ و معاونه في شؤونها الدينية فتفقد الدوائر كلها الأوقاف و المعارف و العسكريو و الشرطة و العدلية و الإدارة العامة ودائرة الأمير و نظمها الشيخ على أحسن ما يمكن وعزل بعض الموظفين ووضع لجماعة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر نظاما شرعيا يسيرون عليه ثم ألقى نظرة إلى مشائخ الطرائق فوجد أمرهم بالمدينة خفيا خفيفا وسترها لم يبحث عنهم أكثر من ذلك آخذا بقاعدة البدعة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها وإذا ظهرت ضرت الناس كلهم. وقد كان أصحاب الطرائق في الزمن الماضي يجتمعون لأذكارهم المبتدعة بمسجد النبي صلى الله عليه و سلم بلا حياء ولا حشمة فلما دخل الإصلاح منعوا من ذلك وأمروا أن يذكروا الله في أنفسهم تضرعا و خيفة على وفق السنة فتركوا الاجتماع إلا التجانيين فإنهم نقلوا وظيفتهم من المسجد إلى الزاوية وهي قصر اشتروه بـ:1200ليرة ذهبا و الليرة الواحدة تساوي:120فرنكا.

وهنا شعرت بسؤال يصدر من أكثر القراء وهو من أين جاءهم هذا المال يا ترى أمن أهل الحجاز مع ضعفهم وقلة ما بأيديهم زيادة على أن من كان مغفلا منخدعا من أهل الحجاز إنما ينخدع في أمر فيه أخذ مال أما الدفع فهم أعقل من أن يدفعوا مالهم الذي جعل الله لهم قياما وقياما في سبيل الترهات فمن أين جاء التجانيون الذين تسعة أعشارهم سودان فقراء فقرا مدقعا أعني تجاني المدينة. فلأجل حل هذا الإشكال و غزالة الحيرة-و الحديث شجون-أقول إن ذلك المال و امثاله من الأموال التي تنفق هنا لتدعيم أساس الطريقة إنما هو صادر من بلاد الجزائر وحدها جمعه و جمع من قبل أضعافه رجل جزائري معروف ياتي هذه البلاد المقدسة كل سنة حاملا معه أموالا كثيرة ينفقها هنا وينتفع بها كثير من الناس و الرجل في حد ذاته متصف بالوفاء والكرم ولو مما يجمعه من فقراء الجزائر لكنه اشرب في قلبه خرافات طرقية ملكت عليه مشاعره وساعده على ذلك إلمامه بالعلم زيادة على النشأة في وسط ملآن بالأباطيل نسأل الله أن يهدينا و إياه سواء السراط فلو اجتهد في نصر سنة النبي صلى الله عليه و سلم عشر ما يجتهد في الطريقة لفاز فوزا عظيما. وبعد استقرارنا في المدينة علمنا أن الوظيفة التجانية وحدها تقرأ في زاويتهم المشتراة بـ:1200جنيه فقط ولو أنفق هذا المال على فقراء الجزائر أو فقراء المدينة لسد منهم خلات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير