تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رجحانه)) قال الرجل: وإن الإيمان لا يتم وينقص ويزيد؟ قال الشافعي: ((نعم)) قال: وما الدليل على ذلك؟ قال الشافعي: ((إن الله جل ذكره فرض الإيمان على جوارح بني آدم فقسمه فيها وفرقه عليها فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الإيمان بغير ما ما وكلت به أختها بفرض من الله تعالى: فمنها: قلبه الذي يعقل به ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره ومنها: عيناه اللتان ينظر بهما وأذناه اللتان يسمع بهما ويداه اللتان يبطش بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما وفرجه الذي ألباه من قبله ولسانه الذي ينطق به ورأسه الذي فيه وجهه فرض على القلب غير ما فرض على اللسان وفرض على السمع غير ما فرض على العينين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه فأما فرض الله على القلب من الإيمان: فالإقرار والمعرفة والعقد والرضى والتسليم بأن الله لا إله إلا هو وحده لاشريك له لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله والإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب فذلك ما فرض الله جل ثناؤه على القلب وهو عمله [إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدره] وقال: [ألا بذكر الله تطمئن القلوب] وقال: [من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم] وقال: [وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله] فذلك مافرض الله على القلب من إيمان وهو عمله وهو رأس الإيمان وفرض الله على اللسان: القول والتعبير عن القلب بما عقد وأقر به فقال في ذلك: [قولوا آمنا بالله] وقال: [وقولوا للناس حسنا] فذلك ما فرض الله على اللسان من القول والتعبير عن القلب وهو عمله والفرض عليه من الإيمان وفرض الله على السمع: أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن يغض عن ما نهى الله عنه فقال في ذلك: [وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم] ثم استثنى موضع النسيان فقال جل وعز

[وإما ينسينك الشيطان] أي: فقعدت معهم [فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين] وقال: [فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب] وقال: [قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون] إلى قوله: [والذين هم للزكاة فاعلون] وقال: [وإذا سمعوا اللغوا أعرضوا عنه] وقال: [وإذا مروا باللغوا مروا كراما] فذلك ما فرض الله جل ذكره على السمع من التنزيه عما لا يحل له وهو عمله وهو من الإيمان

((وفرض على العينين)): ألا ينظر بهما ما حرم الله وأن يغضهما عما نهاه عنه فقال تبارك وتعالى في ذلك: [قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم] الآيتين: أن ينظر أحدهم إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه من أن ينظر إليه.

وقال: كل شيء من حفظ الفرج في كتاب الله فهو من الزنا إلا هذه الآية فإنها من النظر.

فذلك ما فرض الله على العينين من غض البصر وهو عملها وهو من الإيمان

ثم أخبر عما فرض على القلب والسمع والبصر في آية واحدة فقال سبحانه وتعالى في ذلك: [ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا]

قال: يعني وفرض على الفرج: أن لا يهتكه بما حرم الله عليه: [والذين هم لفروجهم حافظون] وقال: [وما كنتم تسترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم] الآية يعني بالجلود: الفروج والأفخاذ فذلك ما فرض الله على الفروج من حفظهما عما لا يحل له وهو عملها.

((وفرض على اليدين)): ألا يبطش بهما إلى ما حرم الله تعالى وأن يبطش بهما إلى ما أمر الله من الصدقة وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله والطهور للصلوات فقال في ذلك: [يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق] إلى آخر الآية وقال: [فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء] لأن الضرب والحرب وصلة الرحم والصدقة من علاجها.

((وفرض على الرجلين)): ألا يمشي بهما إلى ما حرم الله جل ذكره فقال ذلك: [ولا تمشي في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض لن تبلغ الجبال طولا]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير