تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أصحاب الحديث - حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم - يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله صلى الله عليه وسلم على ما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلت العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبته لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه، فيقولون:

إنه خلق آدم بيده، كما نص سبحانه عليه في قوله- عز من قائل: (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقتُ بيدي) ولا يحرفون الكلم عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين، أو القوتين، تحريف المعتزلة الجهمية، أهلكهم الله، ولا يكيفونهما - بكيف أو شبهها - بأيدي المخلوقين، تشبيه المشبهة- خذلهم الله - وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف والتشبيه والتكييف، ومنَّ عليهم بالتعريف والتفهيم، حتى سلكوا سبل التوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). وكما ورد القرآن بذكر اليدين بقوله: (لما خلقت بيدي) وقوله: (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) ووردت الأخبار الصحاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر اليد كخبر محاجة موسى وآدم وقوله له: (خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته) ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: (لا أجعل صالح ذرية من خلقته بيدي كمن قلت له: كن فكان) وقوله صلى الله عليه وسلم: (خلق الله الفردوس بيده)

[قولهم في الصفات]

وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت به الأخبار الصحاح - من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة، والعزة والعظمة والإرادة، والمشيئة والقول والكلام، والرضى والسخط والحب والبغض والفرح والضحك وغيرها - من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب، وتضعه عليه بتأويل منكر مستنكر، ويجرون على الظاهر، ويكلون علمه إلى الله تعالى، ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلا الله، كما أخبر الله عن الراسخين في العلم أنهم يقولونه في قوله تعالى: (والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا. وما يذكر إلا أولو الألباب).

[القرآن كلام الله غير مخلوق]

ويشهد أهل الحديث ويعتقدون أن القرآن كلام الله وكتابه، ووحيه وتنزيله غير مخلوق، ومن قال بخلقه واعتقده فهو كافر عندهم، والقرآن الذي هو كلام الله ووحيه هو الذي ينزل به جبريل على الرسول صلى الله عليه وسلم قرآنا عربيا لقوم يعلمون، بشيراً ونذيراً، كما قال عز وجل: (وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين) وهو الذي بلغه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته، كما أمر به في قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) فكان الذي بلغهم بأمر الله تعالى كلامه عز وجل، وفيه قال صلى الله عليه وسلم: أتمنعوني أن أبلغ كلام ربي " وهو الذي تحفظه الصدور، وتتلوه الألسنة ويكتب في المصاحف، كيفما تصرف بقراءة قارئ ولفظ لافظ، وحفظ حافظ، وحيث تلي، وفي أي موضع قرىء وكتب في مصاحف أهل الإسلام، وألواح صبيانهم وغيرها كله كلام الله جل جلاله، غير مخلوق فمن زعم أنه مخلوق فهو كافر بالله العظيم.

سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول سمعت أبا الوليد حسان بن محمد يقول سمعت الإمام أبا بكر محمد بن إسحق بن خزيمة يقول القرآن كلام الله غير مخلوق، فمن قال: "إن القران مخلوق" فهو كافر بالله العظيم، لا تقبل شهادته، ولا يعاد إن مرض ولا يصلى عليه إن مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ويستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه.

فأما اللفظ بالقرآن فإن الشيخ أبا بكر الإسماعيلي الجرجاني ذكر في رسالته التي صنفها لأهل جيلان: من زعم أن لفظه بالقرآن مخلوق- يريد به القرآن - فقد قال بخلق القرآن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير