تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسمعت الحاكم يقول: سمعت الشيخ أبا بكر أحمد بن إسحق بن أيوب الفقيه وهو يناظر رجلا فقال الشيخ أبو بكر: حدثنا فلان، فقال له الرجل: دعنا من حدثنا! إلى متى حدثنا؟ فقال الشيخ له: قم يا كافر فلا يحل لك أن تدخل داري بعد هذا أبدا، ثم التفت إلينا وقال: ما قلت لأحد قط لا تدخل داري إلا هذا.

وسمعت الأستاذ أبا منصور محمد بن عبد الله بن حماد العالم الزاهد يقول: سمعت أبا القاسم جعفر بن أحمد المقري الرازي يقول: قرىء علي عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي وأنا أسمع: سمعت أبي يقول: عني به الإمام في بلده أباه أبا حاتم محمد بن إدريس الحنظلي يقول: علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل الأثر حشويه، يريدون بذلك إبطال الآثار، وعلامة القدرية تسميتهم أهل السنة مجبرة، وعلامة الجهمية تسميهم أهل السنة مشبهة، وعلامة الرافضة تسميتهم أهل الأثر نابتة وناصبة، قلت: (وكل ذلك عصبية، ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد وهو أصحاب الحديث)، قلت: أنا رأيت أهل البدع في هذه الأسماء التي لقبوا بها أهل السنة سلكوا معهم مسلك المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم اقتسموا القول فيه، فسماه بعضهم ساحرا وبعضهم كاهنا، وبعضهم شاعرا، وبعضهم مجنونا، وبعضهم مفتونا، وبعضهم مفتريا مختلقا كذابا، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تلك المعائب بعيدا بريئا، ولم يكن إلا رسولا مصطفى نبيا، قال الله عز وجل: (أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلأ). كذلك المبتدعة خذلهم الله اقتسموا القول في حملة أخباره، ونقلة آثاره ورواة أحاديثه المقتدين بسنته، فسماهم بعضهم حشوية، وبعضهم مشبهة، وبعضهم نابتة، وبعضهم ناصبة، وبعضهم جبرية، وأصحاب الحديث عصامة من هذه المعايب برية زكية نقية، وليسوا إلا أهل السنة المضية والسيرة المرضية والسبل السوية والحجج البالغة القوية، قد وفقهم الله جل جلاله لا تباع كتابه ووحيه وخطابه، والاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم في أخباره التي أمر فيها أمته بالمعروف من القول والعمل، وزجرهم فيها عن المنكر منها، وأعانهم على التمسك بسيرته والاهتداء بملازمة سنته، وشرح صدورهم لمحبته، ومحبة أئمة شريعته، وعلماء أمته، ومن أحب قوما فهو معهم يوم القيامة بحكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب".

[علامات أهل السنة]

وإحدى علامات أهل السنة حبهم لأئمة السنة، وعلمائها وأنصارها وأو ليائها، وبغضهم لأئمة البدع، الذين يدعون إلى النار، ويدلون أصحابهم على دار البوار، وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة فضلا منه جل جلاله ومنة.

أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ أسكنه الله وإيانا الجنة، حدثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل المزكى، حدثنا أحمد بن سلمة، قرأ علينا أبو رجاء قتيبة بن سعيد كتاب الإيمان له، فكان في آخره: فإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري، ومالك بن أنس والأوزاعي، وشعبة وابن المبارك، وأبا الأحوص وشريكا ووكيعا ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن ابن مهدي فاعلم أنه صاحب سنة، قال أحمد بن سلمة رحمه الله: فألحقت بخطي تحته: ويحيى بن بحبى وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، فلما انتهى إلى هذا الموضع نظر الينا أهل نيسابور، وقال: هؤلاء القوم يتعصبون ليحيى بن يحيى، فقلنا له: يا أبا رجاء ما يحيى بن يحيى؟ قال رجل صالح إمام المسلمين، وإسحق بن إبراهيم إمام، وأحمد بن حنبل أكبر من سميتهم كلهم، وأنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكر قتيبة رحمه الله، أن من أحبهم فهو صاحب سنة من أئمة أهل الحديث الذين بهم يقتدون، وبهديهم يهتدون، ومن جملتهم ومتبعيهم وشيعتهم أنفسهم يعدون، وفي اتباعهم آثارهم يجدون جماعة آخرين، منهم محمد بن إدريس الشافعي المطلبي، وسعيد بن جبير والزهري، والشعي والتيمي ومن بعدهم، كالليث بن سعد والأوزاعي والثوري وسفيان بن عيينة الهلالي، وحماد بن سلمة وحماد بن زيد، ويونس بن عبيد، وأيوب وابن عون ونظرائهم. ومن بعدهم مثل يزيد بن هارون، وعبد الرزاق وجرير بن عبد الحميد، ومن بعدهم محمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن اسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري، وأبي داود السجستاني وأبي زرعة الرازي، وأبي حاتم وابنه ومحمد بن مسلم بن واره، ومحمد بن أسلم الطوسي، وعثمان بن سعيد الدارمي،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير