[من مظاهر الإيمان في الحج (منقول)]
ـ[محمد الباهلي]ــــــــ[23 - 11 - 09, 11:37 م]ـ
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق ولم يتركهم هملا ً، بل أمرهم سبحانه بعبادته، فقال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، وأمر الله عباده بالحج ولم يشرعه عبثا ً، بل فيه من مظاهر الإيمان كثيرٌ لمن أدَّوا حجهم وهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم مقتدون، وتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى ظاهرٌ في كل أعمال الحج؛ فالحاج يستهل حجه بالتلبية، ويطوف بالبيت، ويخرج إلى منى وعرفة ومزدلفة، ويرمي الجمار، ويذبح الهدي، ويقوم بجميع أعمال الحج، في خضوع وتسليم وتعظيم لشعائر الله، وإخلاص لله ومحبة، فتتحقق له العبودية في قيامه بأعمال الحج من الذل والخضوع لله سبحانه وتعالى. (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
فالمقصود تقوى القلوب لله، وهو عبادتها له وحده دون ما سواه بغاية العبودية له، فتحقيق العبودية لله في الصلاة والنسك والمحيا والممات، هو الأصل الذي تنبني عليه سائر العبادات من حج وغيره، وهو توحيد الله سبحانه وتعالى وإفراده بالعبادة دون سواه، كما قال سبحانه: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
و من أعظم مظاهر الإيمان والتوحيد لله في الحج ذكر ُ الله سبحانه، فإن جميع الأعمال إنما شرعت لإقامة ذكر الله سبحانه. وقد أمر الله سبحانه بذكره في الحج في عدة مواضع، ففي التلبية والطواف والسعي ذكرٌ لله، وفي رمي الجمار والإفاضة من عرفات، وعند المشعر الحرام وعند الانتهاء من المناسك ذكرٌ لله. وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مناسك الحج إنما شرعت لإقامة ذكر الله تعالى، فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) فأساس التوحيد ذكر الله وتعظيمه، والحج إنما شرع لإقامة ذكر الله تعالى، فتلبية داع َ اللهِ بالحج تحققٌ لتوحيد الله.
ومن مظاهر الإيمان والتوحيد في الحج تقديم القرابين لله تعالى، وإراقة الدم لله وحده لا شريك له أبلغُ في الخضوع والعبادة، لا سيما وأهل الكفر والشرك يذبحون قرابينهم لطواغيتهم ومن اتخذوهم أربابا ً من دون الله. فالتقرب إلى الله يكون بسَوقه، وإشعاره، وذبحه، والعبد وهو يقدِّم نفسه قربة لله في الحج، ويبذل ماله قربة لله في النفقة على نفسه أو على مستحقه، يقدِّم شيئا آخر يختص بتك البقاع دون غيرها ألا وهو الهدي الذي يسوقه متقربا به إلى الله، ويذبحه معلنا ً إخلاصه لله وحده، وهذه من أعظم شعائر الحج وألصق مظاهر الإيمان والتوحيد فيه، قال تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ
¥