تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل هناك فرقٌ بينَ المشيئةِ والإرادةِ عند أهلِ السنةِ والجماعةِ؟!

ـ[أبو جياد]ــــــــ[08 - 12 - 09, 10:36 م]ـ

سلام الله عليكم!

سؤالي:

هل لأهلِ السنَّةِ تفريقٌ بين المشيئةِ والإرادةِ؟! وهل يصحُّ نسبتها للإنسانِ على الإطلاقِ؟!

وإن كانَ هنالكَ من دراساتٍ أو بحوثٍ أرجو إفادتي بها،

و جزاكم الله خيرًا.

ـ[سلطان بن عبيد العَرَابي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 01:26 ص]ـ

السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ

قال علماء أهل السنة والجماعة – بعد استقراء نصوص الوحيين – إنَّ إرادة الله تبارك وتعالى على نوعين:

النوع الأول: إرادة كونية وهي التي تأتي بمعنى المشيئة وهي:

1 - التي يقع فيها مُراد الله تبارك وتعالى ولا بد.

2 - لا يلزم أن يكون مُراده تبارك وتعالى محبوباً إليه.

3 - الإرادةُ الكونية الخلْقية عامة للمؤمن والكافر.

فمثلا كُفْرُ الكافر, لا يقع إلا بإرادة الله الكونية أو إن شئت فقل: كُفْرُ الكافر يقع بمشيئة الله، وإن كان كُفْرُ الكافر غير محبوب إلي الله تبارك وتعالى.

وهكذا نفاق المنافقين ومعاصي العصاة فكلها أرادها الله تبارك وتعالى كوناً وإن كانت غير محبوبة إليه , وهذا واضح إن شاء الله تبارك وتعالى.

ومثال الإرادة الكونية - التي تأتي بمعنى المشيئة - في القرآن قوله تعالى: (وَلَوْ شَآءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) سورة البقرة 253

النوع الثاني: الإرادة الشرعية وهي التي تأتي بمعنى المحبة.

1 - ولا تكون إلا فيما يُحبه الله تعالى ويأمر به ويرضاه.

2 - ولا يلزم بها وقوع مُراده سبحانه وتعالى.

فالله تبارك وتعالى يرضى لعباده الإيمان ويأمرهم به وخلقهم لعبادته سبحانه وتعالى ولذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب , ولكن هل كل الناس يعبدون الله؟ الجواب: طبعا لا.

ومثال الإرادة الشرعية في القرآن الكريم قوله تعالى: (وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) سورة النساء: 27, وهذه الآية جاءت في سياق بيان ما حرَّم الله علينا من النساء وما أحلَّه لنا منهن.

تجتمع الإرادتان في حق المؤمن كأبي بكر - رضي الله عنه - فإن الله أراد منه الإيمانُ قدراً وشرعاً.

وتتخلَّف في حق الكافر، فإنَّ الله أراد الإسلام لأبي لهب ديناًوشرعاً، ولم يُرده كوناً وقدراً.

إذن نخلُص إلى أنَّ الإرادة الكونية هي التي تأتي بمعنى المشيئة أو مرادفة للمشيئة.

أمَّا المراجع في ذلك فهي كالتالي:

مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 2/ 412 - 8/ 131، 188، 440 - 18/ 132، منهاج السنة 3/ 93، شفاء العليل لابن القيِّم في مواضع متعددة، أعلام السنة المنشورة للحكمي ص 204، التحفة العراقية ص 18، معارج القبول 1/ 230، دقائق التفسير 2/ 528 وغيرُها كثير ..

هذا رابط لبيان الفرق بين الإرادة والمشيئة

http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=3140

الإرادة وما يتعلق بها ...

http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.Faidah&ID=71

المشيئة وما يتعلق بها ...

http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.Faidah&ID=72

أمَّا ما يتعلَّقُ بإرادة العبد فأنقلُ لكَ كلامَ عالمٍ ربَاني في هذه المسألة وبيان ضلال من ضلَّ فيها ..

يقول الشيخ محمد العثيمين - رحمه الله – في القول المفيد 2/ 401:

وهاتان الطائفتان -الجبرية والقدرية- ضالتان طريق الحق؛ لأنهما بين مفرط غال ومفرط مقصر; فالجبرية غلوا في إثبات القدر وقصروا في إرادة العبد وقدرته، والقدرية غلوا في إثبات إرادة العبد وقدرته وقصروا في القدر. ولهذا كان الأسعد بالدليل والأوفق للحكمة والتعليل هم:

الطائفة الثالثة: أهل السنة والجماعة، الطائفة الوسط، الذين جمعوا بين الأدلة وسلكوا في طريقهم خير ملة; فآمنوا بقضاء الله وقدره، وبأن للعبد اختيارا وقدرة; فكل ما كان في الكون من حركة أو سكون أو وجود أو عدم; فإنه كائن بعلم الله تعالى ومشيئته، وكل ما كان في الكون فمخلوق لله تعالى، لا خالق إلا الله، ولا مدبر للخلق إلا الله عز وجل، وآمنوا بأن للعبد مشيئة وقدرة، لكن مشيئته مربوطة بمشيئة الله تعالى; كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ لْعَالَمِينَ} 1، فإذا شاء العبد شيئا وفعله; علمنا أن مشيئة الله تعالى قد سبقت تلك المشيئة.

وهؤلاء هم الذين جمعوا بين الدليل المنقول والمعقول; فأدلتهم على إثبات القدر هي أدلة المثبتين له من الجبرية، لكنهم استدلوا بها على وجه العدل والجمع بينها وبين الأدلة التي استدل بها نفاة القدر. وأدلتهم على إثبات مشيئة العبد وقدرته هي أدلة المثبتين لذلك من القدرية، لكنهم استدلوا بها على وجه العدل والجمع بينها وبين الأدلة التي استدل بها نفاة مشيئة العبد وقدرته.

وبهذا نعرف أن كلا من الجبرية والقدرية نظروا إلى النصوص بعين الأعور الذي لا يبصر إلا من جانب واحد; فهدى الله أهل السنة والجماعة لما اختلف فيه من الحق بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. أ - هـ

والله تعالى أعلم ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير