[الكون ينطق بتوحيد الله]
ـ[أبو عاصم البركاتي]ــــــــ[09 - 12 - 09, 09:28 م]ـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إذا نظرت إلي الكون الفسيح وجدته يسير علي نظام دقيق بديع محكم،النجوم في أفلاكها , والأجرام والكواكب في مساراتها بلا اختلاف ولا اضطراب منذ ملايين السنين،وهذا لا شك انه من صنع اله خبير قدير (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الأنبياء:33) (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يّس:40) قال الشيخ صالح الفوزان:
ولم يجحد وجود الرب إلا نذر يسير من البشر:كفرعون والملاحدة الدهريين والشيوعيين في هذا الزمان، وجحودهم به من باب المكابرة، والا فهم مضطرون للإقرار به في باطن وقرارة أنفسهم كما قال تعالي) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل:14) وعقولهم تعرف أن كل مخلوق لابد له من خالق،وكل موجود لابد له من موجد, وان نظام هذا الكون المنضبط الدقيق لابد له من مدبر حكيم قدير عليم، من أنكره فهو: إما فاقد لعقله، أو مكابر قد الغي عقله،وسفه نفسه, وهذا لا عبرة به. كتاب التوحيد للفوزان ص7.
الله جل جلاله رب العباد المنفرد
آثاره لوجوده في كل شيء تشهد
عالي الصفات فما له فيها شبيه يوجد
الأوحد الباقي فما يفني ولا يتعدد
و جاء عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن بعض الزنادقة سألوه عن وجود الباري تعالى فقال لهم دعوني فإني مفكر في أمر قد أخبرت عنه ذكروا إلى سفينة في البحر موقرة فيها أنواع من المتاجر وليس بها أحد يحرسها ولا يسوقها وهي مع ذلك تذهب وتجيء وتسير بنفسها وتخترق الأمواج العظام حتى تخلص منها وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد فقالوا هذا شيء لا يقوله عاقل فقال ويحكم هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة ليس لها صانع فبهت القوم ورجعوا إلي الحق وأسلموا علي يديه
وحدث مع عالم آخر من علماء السلف اذ جاءه بعض الملحدين وطلبوا الادلة علي وجود الله تعالي، فاعطاهم موعدا للمناظرة في مكان تم الاتفاق عليه، فلما حان موعد المناظرة تأخر عليهم، فظنوه قد عجز عن الحضور لضعف حجته، ولكنهم فوجئوا به يدخل مسرعا، فلما سألوه عن سبب التأخر قال لهم: أرأيتم لو أن رجلا أراد عبور النهر فلم يجد مركبا يحمله وبينما هو يقف ينتظر المركب إذ به يري بعض الألواح تظهر فجاه في النهر وتتجمع بعضها إلي بعض حتى صارت مركبا فاستقله هذا الرجل ليعبر إلي الشاطئ الأخر فماذا تقولون في ما حدث؟؟ فقالوا أتهزأ بنا؟ كيف يصنع زورق نفسه بنفسه؟ فقال لهم هذا هو ما اجتمعتم لتجادلونني فيه، إنكم لم تصدقوا أن زورقا صنع نفسه بنفسه،فهل يكون هذا الكون الفسيح العظيم قد اوجد نفسه من غير صانع؟؟ فبهتوا وآمن من آمن منهم وعاد الي الحق والرشاد.
وعن الشافعي رحمه الله تعالي أنه سئل عن وجود الخالق عز و جل فقال هذا ورق التوت طعمه واحد تأكله الدود فيخرج منه الإبرسيم وتأكله النحل فيخرج منه العسل وتأكله الشاء والبقر والأنعام فتلقيه بعرا وروثا وتأكله الظباء فيخرج منه المسك وهو شيء واحد.
وعن الإمام مالك رحمه الله تعالى أن الرشيد سأله عن ذلك فاستدل له باختلاف اللغات والأصوات والنغمات.
وسئل بعض الأعراب عن هذا وما الدليل على وجود الرب تعالي فقال يا سبحان الله إن البعر ليدل على البعير وإن أثر الأقدام ليدل على المسير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير.
فيا عجبا كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكةٍ ... وتسكينة أبداً شاهد
وفي كل شيء له آية ... تدل على إنّه واحد
¥