تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أهل السنة والجماعة».

وقال الشيخ محمد بشير الأهسواني الهندي المتوفى سنة ست وعشرين وثلاثمئة والف، في كتابه صيانة الانسان عن وسوسة الشيخ دحلان: «وبعد انقراض قرن الصحابة أتى أمته ما يوعدون من الحوادث والبدع، وكلما أحدثت بدعة رفع مثلها من السنة، ولكن في قرن التابعين وأتباع التابعين لم تظهر البدع ظهوراً فاشياً، وأما بعد قرن أتباع التابعين فقد تغيرت الاحوال تغيراً فاحشاً، وغلبت البدع، وصارت السنة غريبة، واتخذ الناس البدعة سنة والسنة بدعة، ولا تزال السنة في المستقبل غريبة إلاّ ما استثني من زمان المهدي (رضي الله عنه)، وعيسى (عليه السلام) إلى أن تقوم الساعة على شرار الناس».

وقال الشيخ شمس الحق العظيم آبادي المتوفى سنة 1329 هـ في حاشيته المسماة عون المعبود على سنن أبي داود: «وخرّج أحاديث المهدي جماعة من الائمة، منهم أبو داود والترمذي وابن ماجة والبزاز والحاكم والطبراني وأبو يعلى الموصلي، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة، مثل علي وابن عباس وابن عمر وطلحة وعبد اللّه بن مسعود وأبي هريرة وأنس وأبي سعيد الخدري وأم حبيبة وأم سلمة وثوبان وقرة بن إياس وعلي الهلالي وعبد اللّه بن الحارث ابن جزء، وإسناد أحاديث هؤلاء بين صحيح وحسن وضعيف».

وقال الشيخ محمد أنور شاه الكشميري المتوفى سنة 1352 هـ في كتابه عقيدة الاسلام: «أخرج مسلم في نزول عيسى (عليه السلام) عن جابر يقول: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال: فينزل عيسى ابن مريم (صلى الله عليه وآله) فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا، فيقول لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللّه هذه الامة». قال الكشميري: «المراد به أنه لا يؤم في تلك الصلاة، حتى لا يتوهم أن الامة المحمدية سلبت الولاية».

هذه بعض الكلمات التي وقفت عليها لبعض أهل السنة والاثر في شأن المهدي، والاحتجاج بالاحاديث الواردة فيه، وأعني بأهل السنة والاثر أهل الحديث ومن سار على منوالهم، ممن جعل مستنده في الاعتقاد كتاب اللّه وما ثبت عن رسوله (صلى الله عليه وآله)، دون الاعتراض على ذلك بخيال يسميه صاحبه معقولاً.

الثامن: ذكر من وقفت عليه ممن حكي عنه إنكار أحاديث المهدي أو التردد في شأنه، مع مناقشة كلامه باختصار:

فإن قال قائل: قد أكثرت من النقل عن أهل العلم في إثبات خروج المهدي في آخر الزمان، فلماذا؟ وهل وقفت على ذكر إنكار أحد لخروج المهدي، أو التردد في شأنه على الاقل؟.

والجواب عن السؤال الاول هو أنني أوردت بعض ما وقفت عليه من كلام أهل العلم، بشأن خروج المهدي في آخر الزمان، لتزداد ثباتاً ويقيناً بأن اعتقاد خروجه آخر الزمان هو الجادة المسلوكة، ولتعلم أنه الحق الذي لا يسوغ العدول عنه والالتفات إلى غيره، وعمدة اهل العلم في ذلك الاحاديث الواردة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) فيه، إذ لا مجال للرأي في مثل هذا الامر، بل سبيله الوحيد هو الوحي ; لانه من الامور الغيبية.

أما الجواب عن السؤال الثاني، فهو أني لم أقف على تسمية أحد في الماضين أنكر أحاديث المهدي، أو تردد فيها، سوى رجلين اثنين. أما أحدهما فهو أبو محمد بن الوليد البغدادي، الذي ذكره ابن تيمية في منهاج السنة، وقد مضى حكاية كلام ابن تيمية عنه، وأنه قد اعتمد على حديث «لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم» وقال ابن تيمية: «وليس مما يعتمد عليه لضعفه». وسبق في أثناء الكلام الذين نقلت عنهم أنه لو صح هذا الحديث لكان الجمع بينه وبين أحاديث المهدي ممكناً. ولم أقف على ترجمة لابي محمد المذكور.

وأما الثاني فهو عبد الرحمان بن خلدون المغربي المؤرخ المشهور، وهو الذي اشتهر بين الناس عنه تضعيفه لاحاديث المهدي. وقد رجعت إلى كلامه في مقدمة تأريخه، فظهر لي منه التردد لا الجزم بالانكار. وعلى كل حال فإنكارها أو التردد في التصديق بما دلت عليه شذوذ عن الحق، ونكوب عن الجادة المطروقة. وقد تعقبه الشيخ صديق حسن في كتابه إلاذاعة حيث قال: «لا شك أن المهدي يخرج في آخر الزمان من غير تعيين لشهر ولا عام، لما تواتر من الاخبار في الباب، واتفق عليه جمهور الامة خلفاً عن سلف، إلاّ من لا يعتد بخلافه» وقال: «لا معنى للريب في أمر ذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير