تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يحفظه كله كما انهم ما كانوا يكتفون بمجرد نظر إلى ما هو مكتوب في الرقاع ونحوها بل يأخذونه عمن تلقاه سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك أدعى للاطمئنان والاحتياط وأبعد للشك والارتياب. فقد اخرج ابن أبى داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال قدم عمر فقال من تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من القرآن ليأت

ص 47:

به وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والالواح والعسب وكان زيد لا يقبل من احد شيئا حتى يشهد شهيدان. واخرج ابن أبى داود ايضا من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر قال لعمر ولزيد اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شئ من كتاب الله فاكتباه. فهاتان الروايتان تدلان صريحا انهم ما كانوا يكتفون بمجرد وجدان شئ من كتاب الله مكتوبا حتى يشهد به من تلقاه سماعا

/ صفحة 48 / زيادة في الاحتياط، وهذه الطريقة محكمة جدا وحيث يطمئن إليها كل مسلم ولا تدع مجالا لطعن المنافقين. قال ابن حجر - وكأن المراد بالشاهدين شاهد الحفظ والكتابة قال السخاوي المراد انهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) والمراد انهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التى نزل بها القرآن. يقول بعض المعاصرين لنا - أن رواية الجلوس على باب المسجد واستعراض مالدى الناس من قرآن هي إلى الوهم اقرب منه إلى الحقيقة - فنقول - ان جمع القرآن بالاحرف السبعة واستقصاؤها لا يكون الا باستعراض ما لدى الناس من قرآن لما عسى ان توجد عند بعضهم آية أو قراءة من الاحرف السبعة تلقاها من النبي صلى الله عليه وسلم لا توجد عند آخر - ثم ان المسجد في ذلك العهد هو خير مكان يليق باستقبال الناس لمثل هذا الامر الجليل، فالحضارة المدنية المستلزمة لانتظام دواوين الحكومات لم تكن تعرف عند العرب وقنئذ بل كانوا في حالة من البداوة وبساطة العيش حتى ان نفس المسجد النبوى كان سقفه * (هامش) * (1) يؤيد هذا المعنى رواية ابن عساكر الآتية قريبا وهى ان عثمان خطب في الناس. . الخ (*)

/ صفحة 49 / من الجريد وجدرانه من اللبن، فإذا علم ما ذكر زال الاستغراب من هذه الرواية التى هي عين الحقيقة. واخرج ابن أشتة في المصاحف عن الليث بن سعد قال أول من جمع القرآن أبو بكر وكتبه زيد وكان الناس يأتون زيد بن ثابت فكان لا يكتب آية الا بشاهدي عدل وان آخر سورة براءة لم توجد الا مع خزيمة بن ثابت (1) فقال اكتبوها فان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل شهادته بشهادة رجلين (2) فكتب وان عمر اتى بآية الرجم * (هامش) * (1) ترجمة خزيمة بن ثابت ستأتي في الفصل الثالث في ضبط وتصحيح المصحف الكريم - لكن ورد في بعض الروايات " مع أبى خزيمة الانصاري " فتأمل وقد تقدم الكلام عليه في جمع ابى بكر للقرآن (2) سبب جعل شهادة خزيمة بن ثابت بشهادة رجلين هو ان النبي صلى الله عليه وسلم اشترى فرسا من سواد بن الحارث فاستتبعه ليقضيه ثمن الفرس فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم المشى وابطأ البائع المذكور فجعل رجال يعترضونه يساومونه في الفرس حتى زادوه على ثمنه وهم لا يعلمون ان النبي صلى الله عليه وسلم اشتراه منه فانكر الاعرابي بيعه للنبي صلى الله عليه وسلم فشهد له خزيمة بن ثابت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بم تشهد ولم تكن حاضرا قال بتصديقك وانك لا تقول الا حقا فقال عليه الصلاة والسلام من شهد له خزيمة أو عليه فحسبه وفي رواية فجعل شهادته بشهادة رجلين - هذه خلاصة القصة وهى مشهورة في كتب الاحاديث والسير قال الامام السندي في حاشيته على سنن النسائي والمشهور انه صلى الله عليه وسلم رد الفرس بعد ذلك على الاعرابي فمات من ليلته عنده، رواه النسائي في اواخر كتاب البيوع (*)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير