تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان منهم السيد صلاح بن محمد العبالي، فأمر محمد بن المتوكل بحبسه لأجل تعصبه وامتناعه عن ترك ذلك، وأمر بإخراجه من القصر إلى حصن ثُلاء، فاجتمع كثير من عامة صنعاء وصبيانهم يقولون عند خروجه: هذا جزاء من سب صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، مع أن زيد بن علي رضي الله عنه ممن حرّم سبَّ الصحابة، وغلَّظ في النهي عنه، كما عُلم عنه بالتواتر ضرورة، حتى أن بعض جهلتهم قال لبعض من راجعه فيهم، واحتج عليه بأنه يجب القدوة بالإمام علي، فإنه قعد وسكن وحضر جماعاتهم وجُمَعِهم، ولم ينكر أحوالهم، فقال عند ذلك: تركُ عَلي خطأ وغلط، وإلاَّ فكان عليه القيام عليهم!!

وهؤلاء الذين أخذوا في جانب الصحابة رضي الله عنهم كلهم أحداث صبيان، ما قد عرفوا العلم بالحقيقة، ولا أخذوا بالطريقة، فيعملون بالظواهر والإطلاقات، ولا يضمون الكلامات بعضها إلى بعض، ويجمعون بينها ويوافقونها، فبسببه حصل هذا الأمر العظيم، نسأل الله التوفيق. ثم انجرَّ ذلك إلى كتابة اللَّعن في كل ما وقفوا عليه من الكتب في ذكر أحد من الصحابة، ويخالفون مقصد المصنفين: " والمؤمن ليس بلعَّان"، وتلعبوا بكثير من هذه الكتب، وزادوا ونقَّصوا فيها فلا حول ولا قوة إلا بالله. ثم انجر إلى طمس بعض شيء من نصوص زيد بن علي رضي الله عنه في مجموعه مما ظاهره موافقة أهل السنة في المشيئة والقَدَر وإمامة قريش، وقص ورقه بالمقاريض. فلا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم نقلوا على هذه النسخة المُغَيّرة المنقَّصة المُحَرَّفة نسخاً، فيتوهم المتوهم ممن رأى اختلاف النسخ ـ والعياذ بالله ـ الدس بالزيادة، وليس كذلك، فإن التحريف حصل بالنقص كما هو في النسخ القديمة ثابت، والنقص باطل، فليُعلم ذلك إن شاء الله، وقد أحسن من قال في هذا الوقت والفعال، وهو السيد إسماعيل بن محمد بن صلاح جحاف الحبوري:

رأيٌ طري عن سبيل الحق معدول

من خالف الناس طراً في مذاهبهم

ومذهبٌ حادثٌ لا شك مجهول

فإنه بسيوف العدل مخذول)

وقال (3/ 1029 - 1030): (وكان المذكور محترقاً جارودياً، يتحامل على صحابة المصطفى، ويأكل لحومهم بالأهوى، فلا قوة إلا بالله، استعار مني كتاب (الاستيعاب) للحافظ بن عبدالبر، وضع في بعض هوامش الكتاب من الشتم ما يقشعر الجلد عنه، فطمسته وأزلته؛ لأنه كتبه من غير معرفة ولا احترام لكتب غيره وهو أعظم معصية، ثم طلب بعد ذلك عارية فلم أعره، لمحقه للكتب وتغيير مقاصد المصنفين، وما لا يحل ذكره من السب، وذكرت عند ذلك قول إسماعيل المقري في الروض في باب الوصايا: أن أجهل الناس من تعرض للصحابة بالسب. مع أنه لم يكن له من المعرفة بدقائق العلم وحقائقه، كان إذا اتفقت شيء من المسائل موجهاً على غيره عارضها بالوهم الباطل، والغلط العاطل، والخروج عن مقصد السائل، وكان عاطلاً عن غير معرفة المثالب والمناقب كما هو حال الإمامية وغلاة الشيعة، فإنهم يجتهدن في تقول ما وجدوه من المثالب والمناقب، وما شجر بين الأوائل، هذا غاية مرماة، وصيده الذي كان يهواه ..

ومرة قلت له: ما ينبغي سب الصحابة، فأجاب علي بقوله تعالى: (ولا تَسُبُّوا الَّذينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ الله فَيَسُبُّوا الله عَدْوا بِغَيْرِ عِلمٍ)! فتجارى على تحريف القرآن كما ترى، وجعل الصحابة رضي الله عنهم ممن يدعون من دون الله بمثابة الكفار، فاستوحشت من عقيدته هذه، ونَفَرَتْ نفسي عنه، فلم أكالمه بعد ذلك إلا جواباً ..

ومن العجائب أنه استعار مني نسخة سنن أبي داود وقال: يريد السماع فيها، فبقيت عاجباً ورجوت أن إسعافه إلى ذلك فيه: إما رجوع عن قوله، أو مزيد حجة تقرر عليه في نظره، فسمعها على الفقيه علي بن محمد بن سلامة عن الفقيه هادي بن عبدالله القويعي الحضرمي الشافعي عن مشائخه إلى آخرها، ولم يتعرض لمحق شيء فيها، فكانت حجة عليه قائمة، وسنة على بدعته قاهرة، والله أعلم).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير