تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[01 - 08 - 10, 06:02 م]ـ

معنى كلام سعيد فودة هو أن الله معدوم لكنه موجود ..

فوجوده ليس من جنس وجود العالم، بل هو كالمعدوم .. !

فهو موجود ومعدوم في نفس الوقت .. !

وسبحان خالق العقول والأفهام .. !

بارك الله فيك، وهذا صحيح.

وهذا مبني أصلا على خلل المتكلمين في فهم (الوجود).

وهي مسألة (اشتراك الوجود) وتعلقه بتغاير ـ أو تعاند ـ الوجود والماهية التي يعنونون عليها ب (هل الوجود قدر زائد على الماهية ?).

وأصل الضلال في تلك المسألة كما حرر سيدنا شيخ الإسلام أن الفلاسفة والمتكلمين يتصورون الوجود الذهني المفهومي وجودا حقيقيا خارجيا، فيتصورون أن الإنسان مثلا له وجود ذهني هو (مطلق الإنسانية) وله وجود خارجي متحقق في الواقع، وانهما متغايران، والشيخ يحقق أن الوجود الذهني موجود لكنه مطلق في الذهن ليس في الخارج مطلقا، ومن ثم لما أطلق الفلاسفة عبارة (الاشتراك في الوجود) وأن الوجود من حيث هو هو واحد، قال الخواجة الطوسي في (التجريد): (وتردد الذهن حال الجزم بمطلق الوجود، واتحاد مفهوم نقيضه وقبوله القسمة يعطي الشركة) يعني إذا اختلف حكم الذهن على موجود بين الإمكان والوجوب لم يؤثر ذلك في كونه موجودا على القولين، واتحاد مفهوم نقيضه يعني عدم كل شيء يستوى مع عدم غيره فيدل على اتحاد نقيض العدم وهو الوجود، وقبوله القسمة يعني بين الماهيات فيدل على اشتراكه، فهذه الأدلة الثلاثة هي عمدة الفلاسفة والمتكلمين القائلين باشتراك الوجود، وسيأتي الكلام عن اشتراك الوجوده ومعناه، ولكن الشاهد أن كل ما يذكرونه مبني على تصورهم الوجود الذهني قسيما للوجود العيني، وهو ضلال.

ثم بعد أن يفرغ هؤلاء من تقرير ذلك، يبحثون علاقة الوجود بالماهية فيقررون أن الوجود قدر زائد على الماهية، فهذا يدل على اعتبارهم الوجود المبحوث وجودا ذهنيا مطلقا، وان هذا الذهني المطلق يغاير الماهية الخارجية المتعينة، وهذا يصفة شيخ الإسلام بالغلط والخطأ والوهم.

قال الشيخ رحمه الله (ومن هنا فرقوا في منطقهم بين الماهية والوجود وهم لو فسروا الماهية بما يكون في الأذهان والوجود بما يكون في الأعيان لكان هذا صحيحا لا ينازع فيه عاقل، وهذا هو الذي تخيلوه في الأصل لكن توهموا أن تلك الماهية التي في الذهن هي بعينها الموجود الذي في الخارج فظنوا أن في هذا الإنسان المعين جواهر عقلية قائمة بأنفسها مغيرة لهذا المعين مثل كونه حيوانا ناطقا وحساسا ومتحركا بالإرادة ونحو ذلك)

وقال: (وإنما أصل الغلط هو توهمهم أنا إذا قلنا: إن الوجود ينقسم إلى واجب وممكن لزم أن يكون في الخارج وجود هو نفسه الواجب وهو نفسه في الممكن وهذا غلط فليس في الخارج بين الموجودين شيء هو نفسه فيهما)

وقال (أصل خطأ هؤلاء توهمهم أن هذه الأسماء العامة الكلية يكون مسماها المطلق الكلى هو بعينه ثابتا في هذا المعين وهذا المعين وليس كذلك فإن ما يوجد في الخارج لا يوجد مطلقا كليا لا يوجد إلا معينا مختصا وهذه الأسماء إذا سمي بها كان مسماها مختصا به وإذا سمى بها العبد كان مسماها مختصا به فوجود الله وحياته لا يشركه فيها غيره بل وجود هذا الموجود المعين لا يشركه فيه غيره فكيف بوجود الخالق)

لذلك بعد تقريرهم اشتراك الوجود ـ وكانوا يعنون به الذهني ـ، فإن الطوسي يقول (وزيادته في التصور) يعني زيادة الوجود على الماهية في الذهن لا الخارج، ولذلك قال في كشف المراد (في أن الوجود ليس هو معنى زائدا على الحصول العيني، قال ـ يعني الطوسي ـ وليس الوجود معنى به تحصل الماهية)، وهذا حق بذلك التقسيم، قد قرره شيخ الإسلام كما مر، أن حصول الشيء في الخارج لا ثم إلا هو.

ثم نظروا في اختلاف الماهيات، قالوا يجب أن نقول الوجود غير الماهية، إذ لو كان هو هي ـ بعد تقريرنا الاشتراك في الوجود ـ للزم اتحاد الماهيات، وهو باطل قطعي مخالف لمجرد الحس، قال الطوسي (فيغاير الماهية، وإلا اتحدت الماهيات أو لم تنحصر أجزاؤها) يعني يغاير الوجود الماهية وإلا اتحدت الماهيات فتكون ماهية النار كماهية الثلج مثلا، أو يلزم عدم انحصار أجزائها ـ أي الماهية ـ ويقصد التسلسل وهو باطل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير