تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم إن الشيخ حافظاً الحكمي أشار إلى شرط آخر غير هذه الشروط السبعة، مع تصريحه بأنها سبعة، حيث قال:

" مَنْ قَالَهَا مُعْتَقِدًا مَعْنَاهَا = وَكَانَ عَامِلًا بِمُقْتَضَاهَا

فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَمَاتَ مُؤْمِنًا = يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشْرِ نَاجٍ آمِنَا "

قال في الشرح: " وَمَاتَ مُؤْمِنًا: أَيْ: عَلَى ذَلِكَ, وَهَذَا شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ " (2).

قلت: فهذا تصريح بشرط آخر غير السبعة، مع نصه على أنها سبعة، وهذا يدل أنه لم يقصد مفهوم العدد.

فالحاصل أن هذه الشروط ليست محصورة في سبعة، وقصد من ذكرها من علماء الدعوة النجدية الرد على غلاة المرجئة القائلين بنجاة من نطق بالشهادتين بلسانه وإن لم يعمل بها قلبه وجوارحه، وقديماً نبه إمام من أئمة السنة إلى ضلال المرجئة في ذلك، وهو الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله تعالى فقال بعد أن ذكر الأخبار الدالة على نجاة من قال لا إله إلا الله: " ولا يزال يسمع أهل الجهل والعناد ويحتجون بأخبار مختصرة غير متقصاة وبأخبار مجملة غير مفسرة لا يفهمون اصول العلم يستدلون بالمتقصى من الاخبار على مختصرها وبالمفسر منها على مجملها " (3)

- هل الكفر بالطاغوت من شروط لا إله إلا الله؟.

زاد بعض العلماء شرط الكفر بالطاغوت، كما في قول الناظم:

" علم يقين وإخلاص وصدقك مع = محبة وانقياد والقبول لها

وزيد ثامنها الكفران منك بما = سوى الإله من الأشياء قد ألها "

والبيت الأول ذكره الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم رحمه الله تعالى في حاشيته على كتاب التوحيد دون الثاني.

وقال الشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان في شرح فتح المجيد عند الموضع الذي ذكر فيه المؤلف الشروط السبعة: " ويضاف شرط ثامن لا بد منه، وهو الكفر بكل ما يعبد من دون الله، فلا بد أن يكفر بكل ما يخالفها، ولذلك يقول الله جل وعلا: " فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ " [البقرة:256]، فيبدأ بالكفر بالطاغوت أولاً ".

قال مقيده عفا الله عنه: الكفر بالطاغوت هو معنى النفي الذي دلت عليه كلمة: " لا إله إلا الله " بمنطوقها، وهو نفي الألوهية عما سوى الله تعالى، فهو شطر كلمة التوحيد - كما تقدم – وليس شرطاً خارجاً عنها.

فالأصح - والله أعلم – أن تُجرى الشروط السابقة على الشطرين لا على شطر الإثبات فحسب، فكما أن لصحة شطر الإثبات شروطاً، فلصحة شطر النفي شروط.

1 - فكما أن الانقياد لله شرط لصحة قول من قال بلسانه: " آمنت بالله "، فإن الإعراض عن عبادة من سواه والترك لها شرط لصحة قول من قال بلسانه: " كفرت بمن يعبد من دون الله "، أو: " كفرت بالطاغوت ".

2 - وكما أن اليقين بما جاء من عند الله شرط لصحة قول من قال بلسانه: " آمنت بالله "، فإن التكذيب بمن يعبد سواه، واليقين ببطلانه شرط لصحة قول من قال بلسانه: " كفرت بمن يعبد من دون الله ".

3 – وكما أن العلم والصدق والإخلاص شروط لصحة قول من قال بلسانه: " آمنت بالله "، فإنها شروط كذلك لصحة قول من قال بلسانه: " كفرت بمن يعبد من دون الله ".

4 – وكما أن محبة الله شرط لصحة قول من قال بلسانه: " آمنت بالله "، فإن بغض من يعبد سواه، شرط لصحة قول من قال بلسانه: " كفرت بمن يعبد من دون الله ".

وإلى بعض هذا أشار الشيخ محمد بن عبد الوهاب بقوله: " فأما صفة الكفر بالطاغوت: فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها، وتبغضها، وتكفر أهلها، وتعاديهم " (4). والله تعالى أعلم.

- ضابط شروط لا إله إلا الله:

لما تقدم أن هذه الشروط المراد بها الشروط التي ينبغي تحقيقها لينجو من قال لا إله إلا الله بلسانه في الآخرة، وأنها ليست مقصورة على السبعة المذكورة، فيمكن أن يقال في ضابط هذه الشروط: كل قول أو عمل أو اعتقاد تركه كفر، فالإتيان به شرط من شروط لا إله إلا الله، و كل قول أو عمل أو اعتقاد الإتيان به كفر، فتركه شرط من شروط لا إله إلا الله، والله تعالى أعلم.

ــــــــــــــــــــــ

(1) انظر حاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع (1/ 253)، والأبيات من نظم قصير للشيخ محمد المامي اليعقوبي، أحد المشايخ الشناقطة المعاصرين، بعنوان: المنطوق والمفهوم.

(2) معارج القبول (2/ 415).

(3) التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل ص816.

(4) الدرر السنية (1/ 61)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير