ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[05 - 06 - 07, 08:32 م]ـ
استمر بارك الله فيك
فقد تركتنا معلقين بانتظار فوائدكم، يا ابا عبدالمعز!
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[05 - 06 - 07, 10:06 م]ـ
3 - يريدون دحض علمهم ويريدمفسرونا دعمه .. !!
لمن يتوجه بالخطاب في مؤتمرات إعجاز القرآن .. ؟
بالنظر إلى مقاصد مثل هذه المؤتمرات يبدو أن الكافر هو المعني بالخطاب .. فالغاية التي يجري خلفها المؤتمرون هي- حصريا- إثبات أن القرآن هو من عند الله لذلك تجد من ثوابت أسلوبهم ختم عروضهم بعبارة مصكوكة: "من علم محمدا هذا قبل خمسة عشر قرنا ... "
واضح أن المسلم غير مقصود بالعبارة فهو يؤمن مسبقا بأن القرآن كلام الله .. وإلا فهوتحصيل الحاصل.
المخاطب هو الكافر ... والكافر- في تصورمفسرينا-هو المتمرس بالعلم وهو الذي لا يقبل إلا خطاب العلم ... ولما كان لكل مقام مقال فقد توسلوا إلى اصطناع اللغة العلمية وتقديم القرآن على أنه موافق للعلم الطبيعي .. ويرون ذلك منهجا لا مناص منه لدخول الكفار في الاسلام ..
كل هذا سذاجة وجهل ...
أولا: الكافر الغربي العادي لا شأن له بالعلم- على عكس التصور السائد-بل هو إنسان الحس والخرافة ... ولو تفحص المفسرون أحوال الغربي لوجدوا صورة أخرى لا تخطر لهم بالبال:
-تتبع الأبراج.
-التعاطي للتنجيم.
-اعتناق الديانات ذات الاسرار كالبوذية والهندوكية ..
-الجري وراء كل ما هو غريب ولا عقلي.
-التحمس لكل مدع للنبوة ...
ويمكن التأكد من كل هذا بمجرد تصفح مجلاتهم الشهيرة ... واستشارة أذواقهم الصبيانية .. ولعلنا نتذكر أن قصص وأفلام هاري بوتر قد حققت أرقاما خيالية شرقا وغربا .. وإن هي إلا حكايات عجائبية أدنى بكثير من حكايات الف ليلة وليلة التي كان لا يقرأها عندنا في زمن تخلفنا إلا العاطلون والبطالون ...
هذا مبلغ الغربيين من الذوق ...
إذن فلتسقط أسطورة الغربي العقلاني العالم.
ثانيا: قد يقال: المخاطب هو المجتمع الغربي المنتمي إلى الدوائر العلمية ... ودليل ذلك أن مفسرينا كثيرا ما يعلنون: لقد أسلم الكيمياوي الياباني الفلاني والإحيائي المكسيكي العلاني .. هؤلاء العلماء هم المقصودون بالاعجاز العلمي للقرآن لا العامة.
هنا أيضا لا يخلو مفسرونا من السذاجة ... فهؤلاء العلماء رؤوسهم مستعصية جدا ورسوخهم في المنهج العلمي لا يجعلهم يؤمنون لمجرد ورود كلمة "الحبك" ... كلمة ليست من لغتهم ولو ترجمت لهم لا يقبلونها لأن من مبادئهم "كل ترجمة خيانة" ... ثم قبل هذا وذاك هم يعلمون أن نظرية النسيج الكوني ليست إلا نظرية من النظريات لا يمكن الركون إليها إلا مؤقتا ... أي ريثما يتم دحضها -كما سنرى من خلال عرضنا لنظرية بوبر-. والاستنجاد بالدين لدعم نظرية ما لا يقول به عالم معتبر عندهم بل هي هرطقة وعودة إلى القرون الوسطى .... وزمن الإكليروس.
-تابع-
ـ[الجعفري]ــــــــ[06 - 06 - 07, 06:03 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ونحن بانتظار المزيد
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[06 - 06 - 07, 09:52 ص]ـ
4 - لا يستحق أن يسمى علما عندهم إلا ما يقبل الدحض والتكذيب، فتبينوا أين تضعون كلام ربكم.
يعتبركارل بوبر - النمساوي الهالك سنة 1994 - من كبار فلاسفة العلم عندهم، وقد عكف على دراسة قضية محورية هي:
-ما الفرق بين العلم وغيره؟
-مالذي يجعل من عبارة ما عبارة علمية؟
وقد استقر رأيه على أن العبارة العلمية هي تلك التي تقبل الدحض والتكذيب، أما العبارة الصادقة دائما أو التي لا يمكن إبطالها فليست من العلم في شيء .... وعرفت نظريته هذه ب" النزعة التكذيبية" واستقبلت عندهم بحفاوة بالغة.
قد يظهر لبادي الرأي أن هذه النظرية متهافتة، خصوصا إذا ما أخذنا في الحسبان الاقتران التقليدي في الأذهان بين العلم واليقين، فكيف يقول هذا الشخص إن معيار العلمية هي القابلية للتكذيب ... وكيف يبقى العلم علما وهو مكتنف بالشك وجوبا؟
لكن الفحص الدقيق للمسألة يكشف أن بوبر لم ينأ كثيرا عن الواقع ... ولتوضيح ذلك نستعين ببعض الأمثلة:
العبارة1:"قد يسقط المطر غدا."
العبارة2:"سيسقط المطر غدا صباحا."
العبارة3:"إما أن يسقط المطر غدا وإما لن يسقط."
العبارة4:"سيسقط المطر غدا على الساعة العاشرة صباحا."
نلاحظ ان العبارة1 قليلة الفائدة ومرد ذلك إلى تسويرها ب" قد" الاحتمالية ... وقائل هذه العبارة في الحقيقة لم يفدنا بشيء وهو- مع ذلك -صادق مطلقا .. ولا يمكن أبدا دحض عبارته تلك ...
لكن العبارة2 مختلفة ... فقد أفادتنا معرفة معينة ... وينبغي أن يلاحظ أنها قابلة للتكذيب: فإذا لم يسقط المطر فهي كاذبة .. بل هي كاذبة أيضا لو سقط المطر مساء بدل الصباح.
أما العبارة 4 فهي أدق من 2 لأنها تحمل زيادة فائدة ... ولانها أدق وأفيد كانت قابليتها للتكذيب أعلى وأكبر ... فلو سقط المطر على الساعة التاسعة مثلا تكون العبارة2 صادقة ... ولن تكون العبارة 4كذلك ... إذن حظوظ تكذيب العبارة2 أقل من حظوظ تكذيب العبارة4 ... ولهذا السبب كانت أقل فائدة منها ... ونخلص إلى قاعدة عامة وهي التناسب الطردي بين قابلية التكذيب وازدياد الدقة والفائدة.
اما العبارة 3 فهي أقرب إلى اللغو، وفائدتها منعدمة تماما ... ولكن دحضها محال ...... فهي صادقة دائما ... ولما كانت كذلك فهي ليست من العلم في شيء.
هذا هو معيار التكذيب الذي اقترحه بوبر للتمييز بين الخطاب العلمي وغيره.
ويترتب عن هذا أن يكون الشغل الشاغل للعلماء هو البحث عما يدحض النظريات السائدة ...
فلو زعم عالم مثلا أن كلاب هذه الجزيرة كلها بيضاء فتكذيب نظريته تلك يتحقق بالعثور على كلب واحد أسود ... هذا الكلب الأسود الوحيد –إن وجد-لهو أفضل وأهم من ملايين الكلاب البيضاء التي قد نصادفها هنا وهناك في أرجاء الجزيرة ...
إن وجود هذا الكلب الاسود أفضل حتى بالنسبة لصاحب نظرية الكلاب البيضاء .. لأن هذا سيرغمه على تعديل نظريته أو التخلي عنها وهكذا يتقدم العلم ويتطور.
باختصار لا يوجد على الإطلاق عالم بوبري يمكن أن يلتفت إلى ما يقوله المسلمون عن إعجاز القرآن العلمي ... لأن المسلمين -هنا بالضبط- يسيرون في اتجاه مضاد للمنهجية العلمية السائدة فكأن لسان حال علماء الغرب يقول: نريد من القرآن أن يدحض نظرياتنا لا أن يوافقها ...
-يتبع-
¥