3 - الوعد والوعيد: ويقصدون بالوعد أنهم يوجبون على ربهم أن ينفذ وعده وأن يعطي العبد أجر ما كلفه به من طاعات استحقاقا منه على الله مقابل وعد الله له إذا التزم العبد بجميع التكاليف التي اختارها الله وكلف بها عباده، واستدلوا بقوله تعالى: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما)، حيث فسروا هذا الوقوع بمعني الوجوب، والحق أن دخول الجنة إنما هو بفضل الله أولا وأخيرا، وليس للعبد على ربه أي استحقاق غير أن الله تعالي أوجب على نفسه أنه لا يظلم عمل عامل من ذكر أو أنثي، فجعل العمل من الأسباب دخول الجنة، والأسباب نفسها إنما هي تفضيل من الله تعالى.
وأما الوعيد فهو ما يتعلق بأحكام المذنبين من عصاه المؤمنين إذا ماتوا من غير توبة، وقد أوضح المعتزلة رأيهم في هذا وهو أن أصحاب الكبائر إذا ماتوا من غير توبة فإنهم يستحقون بمقتضى الوعيد من الله النار خالدين فيها إلا أن عقابهم يكون أخف من عقاب الكفار، وقد استدلوا من القرآن الكريم بكل آية يذكر فيها عقاب العصاة بالنار والخلود فيها، والواقع أن قولهم غير مسلم، وهو خطأ في فهم النصوص وحمل لها على غير معانيها الصحيحة، فإن الآيات لا تدل على خلود أصحاب المعاصي من المؤمنين خلودا أبديا حتميا، ذلك أن الله عز وجل قد يعفو عنهم ابتداء وقد يعذبهم بقدر ذنوبهم ثم يخرجهم الله بتوحيدهم وإيمانهم، ومن ناحية أخرى، فإن خلف الوعيد من فعل الكرام وهى صفة مدح، بخلاف خلف الوعد فإنها صفة ذم، والله عز وجل يتنزه عنها.
4 - المنزلة بين المنزلتين: وتلقب هذه المسألة حسب ما يذكره القاضي عبد الجبار "بمسألة الأسماء والأحكام"، ويريدون بالمنزلة بين المنزلتين المؤمن صاحب المعاصي، فهو عندهم ليس بمؤمن ولا كافر بل يفرد له حكم ثالث وهو تسميته " فاسقا" في الدنيا، والحكم بخلوده في النار في الآخرة، فاختلف اسمه وحكمه في الدنيا فاستحق أن يكون في منزلة بين المنزلتين، والواقع أن العاصي غير خارج من الملة بفسقه بل هو مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، ولم تخرجه النصوص عن الإيمان لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه، ولا في إجماع الأمة.
5 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وقد توافق أهل السنة والمعتزلة في حكم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كونه من الواجبات على الكفاية، إلا أنه وقع خلاف بين أهل السنة والمعتزلة فيما يلي:
أ- طريقة تغيير المنكر، فقد ساروا فيها عكس الحديث الذي بين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم موقف المسلم إزاء تغيير المنكرات، وهو قوله عليه الصلاة والسلام:" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
ب- أوجبوا الخروج على السلطان الجائر.
ج- حمل السلاح في وجوه المخالفين لهم سواء كانوا من الكفار أو من أصحاب المعاصي من أهل القبلة.
من أراد الأجزاء السابقة:
الجزءالأول http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=188385 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=188385)
الجزء الثاني http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=189017 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=189017)
الجزء الثالث http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=190080 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=190080)
الجزء الرابع http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1153689#post1153689 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1153689#post1153689)
الجزء الخامس
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1160282#post1160282 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1160282#post1160282)
الجزء السادس http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=193389 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=193389)
الجزء السابع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1182184#post1182184 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1182184#post1182184)
الجزء الثامن
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=197638
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وسأضع الجزء العاشر والأخير إن شاء الله تعالى بعد أسبوع إن يسر الله ذلك، والحمد لله رب العالمين.