تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والثاني: قول من يقول: أنه فاعل مختار لكنه يفعل بوصف الجواز فيرجح أحد المتماثلين على الآخر بلا مرجح إما بمجرد كونه قادرا أو لمجرد كونه قادرا عالما أو لمجرد إرادته القديمة التي ترجج مثلا على مثل بلا مرجح ويقولون: إن الحوادث تحدث بعد أن لم تكن حادثة من غير سبب يوجب الحدوث فيقولون بتراخي الأثر عن المؤثر التام.

وهذا وإن كان خيرا من الذي قبله , ولهذا ذهب إليه طوائف من أهل الكلام ففساده أيضا بين؛ فإنه إذا قيل: إن المؤثر التام حصل مع تراخي الأثر عنه وعند حصول الأثر لم يحصل ما يوجب الحصول كان حاله بعد حصول الأثر وقبله حالا واحدة متشابهة ثم اختص أحد الحالين بالأثر من غير ترجيح مرجح وحدوث الحادث بلا سبب حادث وهذا معلوم الفساد بصريح العقل.

والقول الثالث: قول أئمة السنة: إنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن؛ فما شاء الله وجب بمشيئته وقدرته , وما لم يشأه امتنع لعدم مشيئته له فهو موجب بمشيئته وقدرته لا بذات خالية عن الصفات وهو موجب له إذا شاءه لا موجب له في الأزل كما قال {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} يس 82: وهذا الإيجاب مستلزم لمشيئته وقدرته لا مناف لذلك بل هو سبحانه يخلق ما يشاء ويختار فهو فاعل لما يشاؤه إذا شاء وهو موجب له بمشيئته وقدرته والله تعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

درء التعارض (2

324)

قال ابن رشد: وأما كونه أزلياً فإنه يجب أن يكون فعله المتعلق بالمفعولات أزلياً، فتكون المفعولات أزلية, والحادث يجب أن يكون وجوده متعلقاً بفعل حادث , اللهم إلا لو سلموا أنه يوجد فعل حادث عن فاعل قديم، فإن المفعول لا بد أن يتعلق به فعل الفاعل، وهم لا يسلمون ذلك. فإن من أصولهم أن المقارِن للحوادث حادثٌ.

الكشف عن مناهج الأدلة (30)

وقال ابن رشد في رده على الغزالي: هذا قول سفسطائي، وذلك أنه لما لم يمكنه أن يقول بجواز تراخي فعل المفعول عن فعل الفاعل له وعزمه على الفعل، إذا كان فاعلاً مختاراً، قال بجواز تراخيه عن إرادة الفاعل, وتراخي المفعول عن إرادة الفاعل جائز، وأما تراخيه عن فعل الفاعل له فغير جائز. وكذلك تراخي الفعل عن العزم على الفعل في الفاعل المريد، فالشك باقٍ بعينه .. .

تهافت التهافت (47 - 49)

وقال ابن رشد: فإذا قلنا كل ما مضى فقد دخل في الوجود يفهم منه معنيان: أحداهما: أن كل ما دخل في الزمان الماضي فقد دخل في الوجود، وهو صحيح. وأما ما مضى مقارناً بالوجود الذي لم يزل، أي لا ينفك عنه فليس يصح أن نقول قد دخل في الوجود، لأن قولنا فيه قد دخل، ضد لقولنا إنه مقارن للوجود الأزلي، ولا فرق في هذا بين الفعل والوجود أعني من سلم إمكان وجود موجود لم يزل فيما مضى فقد ينبغي أن يسلم أن ههنا أفعالاً لم تزل قبل فيما مضى، وإنه ليس يلزم أن تكون أفعاله ولا بد قد دخلت في الوجود. كما ليس يلزم في استمرار ذاته فيما مضى أن يكون قد دخل في الوجود. وهذا كله بَيِّن كما ترى. وبهذا الموجود الأول يمكن أن توجد أفعال لم تزل ولا تزال. ولو امتنع ذلك في الفعل لامتنع في الوجود؛ إذ كل موجود ففعله مقارن له في الوجود؛ فهؤلاء القوم جعلوا امتناع الفعل عليه أزلياً، ووجوده أزلياً، وذلك غاية الخطأ. لكن اطلاق اسم الحدوث على العالم كما أطلقه الشرع أخص به من إطلاق الأشعرية، لأن الفعل بما هو فعل فهو محدث، وإنما يتصور القدم فيه لأن هذا الإحداث والفعل المحدث ليس له أول ولا آخر.

تهافت التهافت (111)

فبين مسألتين:

أ- أن الفعل لا يتأخر عن الفاعل له , وأنه يلزم من وجود الأول الذي ليس قبله شيء أن يقارنه فعله , ولا يصح القول بتراخي الفعل عن الفاعل بل لا يتصور ذلك في حق الرب سبحانه.

ب- قوله: أنه لا يتأخر كذلك المفعول عن فاعله لا يسلم له كما تقدم في كلام شيخ الإسلام , لأن ذلك يستلزم قدم العالم وأنه موجب بالذات , وهذا مناف أنه الأول الذي ليس قبله شيء , وقول أهل السنة في حوادث لا أول لها , يختلف عن قول الفلاسفة الذي قالوا بالموجب بالذات , وذلك أن أهل السنة قالوا بالجواز والفلاسفة كابن سينا قالوا بالوجوب أو الموجب بالذات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير