تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال: وقد يدلك على أن الدليل الذي فهمه المتكلمون من الآية ليس هو الدليل الذي تضمنته الآية؛ أن المحال الذي أفضى إليه دليلهم غير المحال الذي أفضى إليه الدليل المذكور في الآية وذلك أن المحال الذي أفضى إليه الدليل الذي زعموا أنه دليل الآية هو أكثر من محال واحد فدليلهم الذي استعملوه هو الذي يعرفه أهل المنطق بالقياس الشرطي المنفصل ويعرفونه هم في صناعتهم بدليل السبر والتقسيم والدليل الذي في الآية هو الذي يعرف في صناعة المنطق بالشرطي المتصل وهو غير المنفصل ومن نظر في تلك الصناعة أدنى نظر تبين له الفرق بين الدليلين.

وأيضا فإن المحالات التي أفضى إليها دليلهم غير المحال الذي أفضى إليه دليل الكتاب وذلك أن المحال الذي أفضى إليه دليلهم هو أن يكون العالم إما لا موجودا ولا معدوما وإما أن يكون موجودا معدوما وإما أن يكون الآله عاجزا مغلوبا وهذه مستحيلات دائمة لاستحالة أكثر من واحد. والمحال الذي أفضى إليه دليل الكتاب ليس مستحيلا على الدوام وإنما علقت الاستحالة فيه في وقت مخصوص وهو أن يوجد العالم فاسدا في وقت الوجود .. .

الكشف عن مناهج الأدلة (47 - 49)

قال المحقق أحمد شمس الدين في تعليقه على الكشف (14): وقد يبدوا هذا الدليل مقنعا – أي دليل المتكلمين – لكنه ليس كذلك إذ لنا أن نتساءل ولماذا لا يتفق الإلهان بدلا من أن يختلفا ولا سيما أننا نرى البشر يتفقون فتكون نتائج اتفاقهم جودة في العمل ودقة في الصنع مما دعا بعض علماء الكلام إلى القول بأن دليل الآيات السابقة ليس منطقيا بل هو مجرد دليل خطابي يراد به الإقناع .. ويكشف ابن رشد عن الخلل في برهنة المتكلمين الذين أساءوا فهم الآيات السابقة فظنوا أنها من القياس الشرطي المنفصل مع أنها تتضمن قياسا شرطيا متصلا وهو المنهج العلمي الحديث الذي أظهر إنتاجه المذهل في الكشوف العلمية المعاصرة فقوله تعالى: {لوكان فيهما ءالهة إلا الله لفسدتا} يمكن عرضه على النحو البرهاني الآتي: لو فرضنا أكثر من إله واحد لفسد العالم لكن هذا الفرض غير صحيح لأن العالم ليس فاسدا إذن ليس هناك إلا إله واحد خلق هذا العالم بعلمه وحكمته ... .انتهى

قلت: وأما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد بين أن هذه الآية إنما جاءت لتقرير توحيد الألوهية وليس لتوحيد الربوبية.

قال شيخ الإسلام: وأفضل الكلام قول: لا إله إلا الله والإله هو الذي يستحق أن تألهه القلوب بالحب والتعظيم والإجلال والإكرام والخوف والرجاء فهو بمعنى المألوه وهو المعبود الذي يستحق أن يكون كذلك.

ولكن أهل الكلام الذي ظنوا أن التوحيد هو مجرد توحيد الربوبية؛ فهو التصديق بأن الله وحده خالق الأشياء اعتقدوا أن الإله بمعنى الآله: اسم فاعل , وأن الإلهية هي القدرة على الاختراع كما يقول الأشعري وغيره ممن يجعلون أخص وصف الإله القدرة على الاختراع

ومن قال: إن أخص وصف الإله هو القدم كما يقوله من يقوله من المعتزلة قال ما يناسب ذلك في الإلهية وهكذا غيرهم وقد بسط الكلام على هذا في موضعه.

والمقصود هنا التنبيه على هذه الأمور وأن هؤلاء غلطوا في معرفة حقيقة التوحيد وفي الطرق التي بينها القرآن فظنوا أنه مجرد اعتقاد أن العالم له صانع واحد ومنهم من ضم إلى ذلك نفي الصفات أو بعضها فجعل نفي ذلك داخلا في مسمى التوحيد وإدخال هذا في مسمى التوحيد ضلال عظيم.

وأما الأول فلا ريب أنه من التوحيد الواجب وهو الإقرار بأن خالق العالم واحد لكنه هو بعض الواجب وليس هو الواجب الذي به يخرج الإنسان من الإشراك إلى التوحيد بل المشركون الذي سماهم الله ورسوله مشركين وأخبر الرسل أن الله لا يغفر لهم كانوا مقرين بأن خالق كل شيء.

فهذا أصل عظيم يجب على كل أحد أن يعرفه فإنه به يعرف التوحيد الذي هو رأس الدين وأصله.

وهؤلاء قصروا في معرفة التوحيد ثم أخذوا يثبتون ذلك بأدلة وهي وإن كانت صحيحة فلم تنازع في هذا التوحيد أمة من الأمم وليس الطرق المذكورة في القرآن هي طرقهم كما أنه ليس مقصود القرآن هو مجرد ما عرفوه من التوحيد

درء التعارض (5

169)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير