تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الشكوك المُعتاصة التي تلزمهم أن يُسألوا: إذا حدث الجزء الذي لا يتجزأ فما القابل لنفس الحدوث؟ فإن الحدوث عرض من الأعراض. وإذا وجد الحادث فقد ارتفع الحدوث، فإن من أصولهم أن الأعراض لا تفارق الجواهر فيضطرهم الأمر إلى أن يضعوا الحدوث من موجود ما، ولموجود ما.

وأيضا ًفقد يُسألون: إن كان الموجود يكون من غير عدم فبماذا يتعلق فعل الفعل؟ فإنه ليس بين العدم والوجود وسط عندهم. وإن كان ذلك كذلك، وكان فعل الفاعل لا يتعلق عندم بالعدم ولا يتعلق بما وُجِد وفُرِغ من وجود، فقد ينبغي أن يتعلق بذات متوسطة بين العدم والوجود. وهذا هو الذي اضطر المعتزلة إلى قالت إن في العدم ذاتاً ما. وهؤلاء أيضاً يلزمهم أن يوجد ما ليس بموجود بالفعل موجوداً بالفعل! وكلتا الطائفتين يلزمهم أن يقولوا بوجود الخلاء.

فهذه الشكوك، كما ترى، ليس في قوة صناعة الجدل حلها. فإذن يجب ألا يجعل هذا مبدأ لمعرفة الله تبارك وتعالى، وبخاصة للجمهور. فإن طريقة معرفة الله تعالى أوضح من هذه على ما سنبين من قولنا بعد.

الكشف عن مناهج الأدلة (31 - 33)

أولا: سبب قولهم بالجواهر الفردة

لما كان قول الفلاسفة أن الجسم يتجزأ إلى غير نهاية لازمه القول بقدم الجسم من حيث أن مالا يتناهى لا يصح وجوده فكيف يعتقد حدوثه ثم يعتقد أنه بلا نهاية وهذا يقوده إلى اعتقاد قدمه.

ففرارا من هذا القول – وهو القول بقدم الأجسام – ولإثبات حدوثها قالوا بتكون أو تركب الأجسام من جواهر لا تقبل القسمة.

انظر بيان تلبيس الجهمية (1

285)

وقال شيخ الإسلام: و الصواب فإن إثبات الجوهر الفرد الذي لا يقبل القسمة باطل بوجوه كثيرة إذ ما من موجود إلا ويتميز منه شيء عن شيء وإثبات انقسامات لا تتناهى فيما هو محصور بين حاصرين ممتنع لامتناع وجود ما لا يتناهى فيما يتناهى وامتناع انحصاره فيه لكن الجسم كالماء يقبل انقسامات متناهية إلى أن تتصاغر أجزاؤه فإذا تصاغرت استحالت إلى جسم آخر فلا يبقى ما ينقسم ولا ينقسم إلى غير غاية بل يستحيل عند تصاغره فلا يقبل الانقسام بالفعل مع كونه في نفسه يتميز منه شيء عن شيء وليس كل ما تميز منه شيء عن شيء لزم أن يقبل الانقسام بالفعل بل قد يضعف عن ذلك ولا يقبل البقاء مع فرط تصاغر الاجزاء لكن يستحيل إذ الجسم الموجود لا بد له من قدر ما ولا بد له من صفة ما فإذا ضعفت قدره عن اتصافه بتلك الصفة انضم إلى غيره إما مع استحالة إن كان ذلك من غير جنسه وإما بدون الاستحالة إن كان من جنسه كالقطرة الصغيرة من الماء إذا صغرت جدا فلا بد أن تستحيل هواء أو ترابا أو أن تنضم إلى ماء آخر وإلا فلا تبقى القطرة الصغيرة جدا وحدها وكذلك سائر الأجزاء الصغيرة جدا من سائر الأجسام.

الصفدية (1

118)

وقول ابن رشد: (وهذا الغلط إنما دخل عليهم من شبه الكمية المنفصلة بالمتصلة فظنوا أن مايلزم في المنفصلة يلزم في المتصلة وذلك أن هذا يصدق في العدد أعني أن نقول إن عددا أكثر من عدد من قبل كثرة الأجزاء الموجودة فيه أعني الوحدات،وأما الكم المتصل فليس يصدق ذلك فيه ولذلك نقول في الكم المتصل أنه أعظم وأكبر ولا نقول إنه أكثر وأقل ونقول في العدد إنه أكثر وأقل ولا نقول أكبر وأصغر. وعلى هذا القول فتكون الأشياء كلها أعدادا ولايكون هنالك عظم متصل أصلا فتكون صناعة الهندسة هي صناعة العدد بعينها).

مراده أن الكم المنفصل ثابت في المجموعة العددية فقط , لأن المجموعة العددية هي عبارة عن أجزاء عددية، وهذه الأجزاء هي المكونة للمجموعة، فكلما زاد الاتصال بين الأجزاء العددية زادت كمية المجموعة. وكلما انفصلت هذه الأجزاء عن بعضها استحالت المجموعة إلى واحد. فلذلك نقول أن هذه أكثر وهذه أقل، و لانقول ذلك في الأجسام مثل أن نقول الفيل أكثر من النمل، بل نقول هذا أعظم والنمل أصغر , وهذا بخلاف القول في الكم المتصل الثابت في الأجسام.

ب- قولهم جميع الأعراض محدثة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير