تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فينبغي أن يوضع في الشرع أنه عالم بالشيء قبل أن يكون, على أنه سيكون, وعالم بالشيء إذ كان على أنه قد كان, وعالم بما قد تلف أنه تلف في وقت تلفه, وهذا هو الذي تقتضيه أصول الشرع. وإنما كان هذا هكذا لأن الجمهور لا يفهمون من العالم في الشاهد غير هذا المعنى.

وليس عند المتكلمين برهان يوجب أن يكون بغير هذه الصفة إلا أنهم يقولون:إن العلم المتغير بتغير الموجودات هو محدث, والباري سبحانه لا يقوم به حادث, لأن ما لا ينفك عن الحوادث, زعموا حادث. وقد بينا نحن كذب هذه المقدمة؛ فإذن: الواجب أن تقر هذه القاعدة على ما وردت, ولا يقال أنه يعلم حدوث المحدثات وفساد الفاسدات, لا بعلم محدث ولا بعلم قديم؛ فإن هذه بدعة في الإسلام, {وما كان ربك نسيا} [مريم:64].

الكشف عن مناهج الأدلة (51 - 52)

وقال ابن رشد: فلو كان إذا وجد الموجود بعد أن لم يوجد حدث في العلم القديم علم زائد كما يحدث ذلك في العلم المحدث للزم أن يكون العلم القديم معلولا للوجود لا علة له.

فإذا واجب أن لا يحدث هنالك تغير كما يحدث في العلم المحدث وإنما أتى الغلط من قياس العلم القديم على العلم المحدث وهو قياس الغائب على الشاهد وقد عرف فساد هذا القياس.

وكما أنه لا يحدث في الفاعل تغير عند وجود مفعوله أعني تغيرا لم يكن قبل ذلك كذلك لا يحدث في العلم القديم سبحانه تغير عند حدوث معلومه عنه.

ضميمة في العلم الإلهي (5)

وإن كلام ابن رشد على صفة العلم , فأصل المسألة وهي الكلام على قيام الصفات الاختيارية بالله هي من مسائل الخلاف بين أهل السنة والأشاعرة.

بيان مسألة تجدد العلم من كلام شيخ الإسلام

قال شيخ الإسلام: عامة من يستشكل الآيات الواردة في هذا المعنى كقوله {إلا لنعلم} {حتى نعلم} يتوهم أن هذا ينفي علمه السابق بأن سيكون وهذا جهل فإن القرآن قد أخبر بأنه يعلم ما سيكون في غير موضع بل أبلغ من ذلك أنه قدر مقادير الخلائق كلها وكتب ذلك قبل أن يخلقها فقد علم ما سيخلقه علما مفصلا وكتب ذلك وأخبر بما أخبر به من ذلك قبل أن يكون وقد أخبر بعلمه المتقدم على وجوده ثم لما خلقه علمه كائنا مع علمه الذي تقدم أنه سيكون فهذا هو الكمال وبذلك جاء القران في غير موضع بل وبإثبات رؤية الرب له بعد وجوده كما قال تعالى {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} التوبة فأخبر انه سيرى أعمالهم.

وقد دل الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة ودلائل العقل على أنه سميع بصير والسمع والبصر لا يتعلق بالمعدوم فإذا خلق الأشياء رآها سبحانه وإذا دعاه عباده سمع دعاءهم وسمع نجواهم كما قال تعالى {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما} المجادلة أي تشتكي إليه وهو يسمع التحاور والتحاور تراجع الكلام بينها وبين الرسول قالت عائشة:سبحان الذي وسع سمعه الأصوات لقد كانت المجادلة تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في جانب البيت وإنه ليخفي على بعض كلامها فأنزل الله {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما} وكما قال تعالى لموسى وهارون {لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى} طه وقال {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} الزخرف

وقد ذكر الله علمه بما سيكون بعد أن يكون في بضعة عشر موضعا في القران مع إخباره في مواضع أكثر من ذلك انه يعلم ما يكون قبل أن يكون وقد اخبر في القرآن من المستقبلات التي لم تكن بعد بما شاء الله بل اخبر بذلك نبيه وغير نبيه ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء بل هو سبحانه يعلم ما كان وما يكون وما لو كان كيف كان يكون كقوله {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} الأنعام بل وقد يعلم بعض عباده بما شاء أن يعلمه من هذا وهذا وهذا {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير