تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيضا فإذا اعترفنا بوجود الرسالة على أن ننزل الإمكان الذي هو الجهل منزلة الوجود، وجعلنا المعجزة دالة على صدق الشخص المدعي الرسالة، وجب ضرورة أن لا تكون دلالتها لازمة لمن يجوز أن المعجز قد يظهر على يدي غير رسول، على ما يفعله المتكلمون، لأنهم يجوزون ظهورها على يدي الساحر، وعلى يدي الولي.

الكشف عن مناهج الأدلة (99)

قال شيخ الإسلام: ولما أرادوا إثبات معجزات الأنبياء عليهم السلام وأن الله سبحانه لا يظهرها على يد كاذب مع تجويزهم عليه فعل كل شيء فتقوا فتقا فقالوا لو جاز ذلك لزم أن لا يقدر على تصديق من ادعى النبوة وما لزم منه نفي القدرة كان ممتنعا فهذا هو المشهور عن الأشعري وعليه اعتمد القاضي أبو بكر وابن فورك والقاضي أبو يعلى وغيرهم وهو مبني على مقدمات أحدها أن النبوة لا تثبت إلا بما ذكروه من المعجزات وأن الرب لا يقدر على إعلام الخلق بأن هذا نبي إلا بهذا الطريق وأنه لا يجوز أن يعلموا ذلك ضرورة.

وأن إعلام الخلق بأن هذا نبي بهذا الطريق ممكن فلو قيل لهم لا نسلم أن هذا ممكن على قولكم فإنكم إذا جوزتم عليه فعل كل شيء وإرادة كل شيء لم يكن فرق بين أن يظهرها على يد صادق أو كاذب ولم يكن إرسال رسول يصدقه بالمعجزات ممكنا على أصلكم ولم يكن لكم حجة على جواز إرسال الرسول وتصديقه بالمعجزات إذ كان لا طريق عندهم إلا خلق المعجز وهذا إنما يكون دليلا إذا علم أنه إنما خلقه لتصديق الرسول وأنتم عندكم لا يفعل شيئا لشيء ويجوز عليه فعل كل شيء وسلك طائفة منهم طريقا آخر وهي طريقة أبي المعالي وأتباعه وهو أن العلم بتصديقه لمن أظهر على يديه المعجز علم ضروري وضربوا له مثلا بالملك وهذا صحيح إذا منعت أصولهم فإن هذه تعلم إذا كان المعلم بصدق رسوله ممن يفعل شيئا لحكمة فأما من لا يفعل شيئا لشيء فكيف يعلم أنه خلق هذه المعجزات لتدل على صدقه لا لشيء آخر ولم لا يجوز أن يخلقها لا لشيء على أصلهم.

النبوات (1

482)

وقال شيخ الإسلام: وأما الطريق الثانية وهي أجود وهي التي اختارها أبو المعالي وأمثاله فهو أن دلالة المعجز على التصديق معلومة بالاضطرار وهذه طريقة صحيحة لمن اعتقد أن يفعل لحكمة وأما إذا قيل انه لا يفعل لحكمة انتفى العلم الاضطراري والأمثلة التي يذكرونها كالملك الذي جعل آية لرسوله أمرا خارجا عن عادته إنما دلت للعلم بأن الملك يفعل شيئا لشيء فإذا نفوا هذا بطلت الدلالة وكذلك دليل القدرة هو دليل صحيح لكن مع إثبات الحكمة فإنه سبحانه وتعالى قادر على أن يميز بين الصادق والكاذب إذ كان قادرا على أن يهدي عباده إلى ما هو أدق من هذا فهداهم إلى أسهل لكن هذا يستلزم إثبات حكمته ورحمته فمن لم يثبت له حكمة ورحمة امتنع عليه العلم بشيء من أفعاله الغائبة وأيضا فآيات الأنبياء تصديق بالفعل فهي تدل إذا علم أن من صدقه الرب فهو صادق وذلك يتضمن تنزيهه عن الكذب وعلى أصلهم لا يعلم ذلك فإن ما يخلقه من الحروف والأصوات عندهم هو مخلوق من المخلوقات فيجوز أن يتكلم كلاما يدل على شيء وقد أراد به شيئا آخر فإن هذا من باب المفعولات عندهم.

النبوات (2

932)

المسألة الثانية والعشرون: نقد الغزالي

قال ابن رشد: وأول من غير هذا الدواء الأعظم هم الخوارج، ثم المعتزلة بعدهم، ثم الأشعرية، ثم الصوفية، ثم جاء أبو حامد فطم الوادي على القرى. وذلك أنه صرح بالحكمة كلها للجمهور، وبآراء الحكماء، على ما أداه إليه فهمه. وذلك في كتابه الذي سماه بـ ((المقاصد)) فزعم أنه إنما ألف هذا الكتاب للرد عليهم. ثم وضع كتابه المعروف بـ ((تهافت الفلاسفة))، فكرهم فيه في مسائل ثلاثة، من جهة خرقهم فيها للإجماع كما زعم، وبدعهم في مسائل. وأتى فيه بحجج مشككة، وشبه محيرة، أضلت كثيراً من الناس عن الحكمة وعن الشريعة. ثم قال في كتابه المعروف بـ ((جواهر القرآن)) إن الذي أثبته في كتاب ((التهافت)) هي أقاويل جدلية وإن الحق إنما أثبته في ((المضنون به على غير أهله)). ثم جاء في كتابه المعروف بـ ((مشكاة الأنوار))، فذكر فيه مراتب العارفين بالله، فقال: إن سائرهم محجوبون إلا الذين اعتقدوا أن الله سبحانه غير محرك السماء الأولي، وهو الذي صدر عنه هذا المحرك. وهذا تصريح منه باعتقاد مذاهب الحكماء في العلوم الإلهية. وهو قد قال في غير ما موضع إن علومهم الإلهية في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير