تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - أن وصف الله تعالي بتلك الصفات التي ذكرت في كتابه الكريم أو في سنة نبيه العظيم يقتضي مشابهة الله بخلقه، فينبغي نفي كل صفة نسبت إلي الله تعالى وتوجد كذلك في المخلوقات لئلا يؤدي إلى تشبيه الله - بزعمهم - بمخلوقاته التي تحمل اسم تلك الصفات.

الرد عليهم:

مما يدركه طلاب العلم أن الله عز وجل وصف نفسه في كتابه الكريم ووصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم بصفات تعرف معانيها ولا تدرك كيفياتها، وهي معروفة في القرآن والحديث.

وقد وقف السلف من الصحابة الكرام إلي وقتنا الحاضر إزاء هذه الصفات موقفاً واضحاً جلياً لا لبس فيه، يتلخص في كلمات يسيرة ومعان واضحة، ألا وهو الإيمان التام بكل ما وصف الله به نفسه ووصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم، كما جاءت به النصوص من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف.

يقولون عن كل صفة: الصفة معلومة والكيف مجهول والسؤال عنها بدعه، ولم يتنطعوا تنطع المشبهة ولم يسلكوا مسالك المعطلة؛ لأنهم على معرفة تامة أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فلا يصفون ذاتاً غير مدركة الماهية بصفات تكيفها؛ لأن هذا هو القول على الله بغير علم.

إذ كيف تكيف ذاتاً لم تدركها ولم توصف لك أكثر من صفات مجملة قابلة للاشتراك في الأسماء متباينة الحقائق، ومن هنا نجد أنه لم يعرف عن أي شخص من الصحابة أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية أي صفة من الصفات التي أخبر الله بها في القرآن الكريم أو أخبرهم بها نبيهم صلى الله عليه وسلم.

وهذه دلالة على قوة ذكائهم و صفاء عقولهم لأنهم يعرفون بداهة أن الاشتراك في التسمية لا يوجب الاشتراك والمماثلة في الذات، إذ يقال: رأس الرجل ورأس الجمل ورأس الذرة ورأس الجبل، وبين ذوات هذه الأشياء من الفروق ما لا يخفى على عاقل.

ومن العجائب أن يثبت الله لنفسه الصفة وهم ينفونها عنه، ومثلهم في هذا كمثل شخص سأل آخر عن اسمه وهو لا يعرفه فأخبره فقال له: لا، إن اسمك ليس هذا، ذلك أن الله تعالى قال: (الرحمن علي العرش استوى (، وهم يقولن: لا يجوز إثبات هذه الصفة بل يجب نفيها مطلقاً، أو تأويلها بمعني استولى أو قصد، أو غير ذلك من تأويلاتهم الباطلة.

وحينما قال تعالى عن نفسه: (وهو السميع البصير (، قالوا: يجب نفي مدلول هذا نفياً تاماً أو تأويله؛ إما أن يكون بمعنى سميع بلا سمع بصير بلا بصر، أو أنه سميع بذاته بصير بذاته، إلي آخر مواقفهم الخاطئة تجاه كل الصفات والأسماء.

لقد عارض الجهمية ومن سار على طريقتهم كتاب الله وسنة نبيه، وقدموا آراءهم وما تراه عقولهم على نصوص الكتاب والسنة فلم يقفوا عند حدود فهم العقل ومدى قدرته، بل تجاوزوا ذلك وظنوا أنهم علي شيء، وزخرفوا القول في ذلك.

إن تنزيه الله عز وجل لا يمكن أن يكون بسلب صفاته وما تدل عليه من العظمة والكمال، إنه من الإجرام أن ينزه الله عن ما تمدح به: (قل أأنتم أعلم أم الله.

إن التنزيه الصحيح إنما يكون في إثبات الصفة في أعلى كمالها؛ لأن الكمال المطلق لا يوصف به أحد غير الله تعالي.

وأي تنزيه في أن تقول: إن الله ليس فوق ولا تحت ولا عن يمين ولا عن يسار ولا يحس ولا يشم ولا يري أبداً ولا يكلم أحداً، وإنه في كل مكان بذاته، وإنه لا سمع ولا بصر له، ولا يوصف بالرحمة ولا بالغضب ولا بالمجيء، إلي آخر تلك الأوصاف التي لا تقال إلا للمعدوم.

إنها صفات سلبية نتيجتها أن لا معبود إلا العدم، فليس هناك رب بائن من خلقه مستو على عرشه له كل صفات الكمال والجلال.

ومن هنا وجد الملاحدة ضالتهم المنشودة في تقوية إلحادهم واحتجاجهم على ذلك بما زعموا أنه من كلام المسلمين السابق، وهم يعلمون تمام العلم أن كلام الجهمية السابق ليس له بالإسلام أية صلة، وأنه ليس من كلام المسلمين، وإنما هو من أفكار ملاحدة الفلاسفة.

إن الجسمية التي يزعمونها حينما يثبتون الصفات لله تعالى، إنما هو من باب تغطية إلحادهم ومروقهم عن الدين، وهم أقل وأذل من أن يجدوا كلاماً ما، لعلماء المسلمين فضلاً عن الصحابة فضلاً عن الكتاب والسنة، يشير إلي هذا المفهوم الذي تنبهوا له بزعمهم ونفوا بموجبه صفات الله وأسمائه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير