[تبرئة الشيخ حافظ الحكمي مما نسب إليه من كلام المعتزلة]
ـ[ابن بركات المصري]ــــــــ[04 - 01 - 10, 09:59 ص]ـ
تبرئة الشيخ حافظ الحكمي: من موافقة المعتزلة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه ومصطفاه؛ وبعد:
فقد قال الشيخ محمود عبد الرازق في كتابه الشهير أسماء الله الحسنى في الكتاب والسنة (ص 166: 167): ((ومن ثمَّ لا بد أن ننبه على خطأ غير مقصود في ذكر دلالة الأسماء على الصفات ذكره الشيخ حافظ حكمي:، وتناقله كثير من الدعاة دون تحقق في فهم المسألة حيث قال:: (فدلالة اسمه تعالى الرحمن على ذاته ? مطابقة وعلى صفة الرحمة تضمنا وعلى الحياة وغيرها التزاما، وهكذا سائر أسمائه تبارك وتعالى)، فقوله بأن الرحمن يدل على ذات الله بالمطابقة هو في حقيقته مذهب المعتزلة، والصواب أنه يدل على الذات بالتضمن وعلى الرحمة بالتضمن وعليهما معا بالمطابقة، والشيخ لا يقصد مذهب المعتزلة لأنه أثبت الصفات وهم ينفونها فتنبه)) اهـ.
= ولي على هذا الكلام بعض الاستفسارات:
1 - أليس قولُ الشيخ محمود عبد الرازق - حفظه الله -: ((فقوله بأن الرحمن يدل على ذات الله بالمطابقة هو في حقيقته مذهب المعتزلة)) قولاً مبتوراً؛ إذِ القاعدةُ عند الشيخ حافظ: لا تنتهي عند هذا الحد، ولا يجوز أن يُبني الحكم على جزءٍ من القاعدة مع ترك بقية ما قاله الشيخ حافظ:.
ثمَّ إنَّه من المعلوم أنَّ الذي أوقع المعتزلة فيما وقعوا فيه من البدع في الأسماء والصفات ليس قولهم: إنَّ أسماء الله ـ تدل على الذات بالمطابقة، كما يقول الشيخ محمود - حفظه الله -. وإنَّما أوقعهم في ذلك نفيُهم لدلالة التضمن والالتزام، واعتبارُهم أنَّ أسماء الله ـ أسماءٌ جامدة غير مشتقة، أصلاً.
وقد أشار الشيخ محمود - حفظه الله - إلى هذا حيث قال في كتابه المذكور: ((وتجدر الإشارة إلى أن الأسماء الحسنى عند المعتزلة تدل على الذات بالمطابقة فقط؛ لأنهم ينفون الصفات. فالأسماء عندهم تنعدم فيها دلالة التضمن واللزوم)) اهـ.
= وعلى ذلك فقارن - أيها القارئ اللبيب - بين القاعدة عند الشيخ حافظ:؛ وهي: ((دلالة الأسماء الحسنى على ثلاثة أنواع، دلالتها على الذات مطابقة، ودلالتها على الصفات المشتقة منها تضمنا، ودلالتها على الصفات التي ما اشتقت منها التزاما. ومثال ذلك: اسمه تعالى الرحمن الرحيم يدل على ذات المسمى، وهو الله ? مطابقة، وعلى الصفة المشتق منها وهي الرحمة تضمنا، وعلى غيرها من الصفات التي لم تشتق منها كالحياة والقدرة التزاما)) اهـ. من أعلام السنة المنشورة باختصار يسير جداً.
قارن بين ذلك وبين قاعدة المعتزلة: ((للأسماء الحسنى دلالةٌ واحدةٌ هي دلالة المطابقة. فهي تدل على الذات مطابقةً، دون أن تتضمن إثبات أي صفة، ودون أن يلزم منها ذلك. وهي مع ذلك أسماء جامدة؛ فالمعنى المتبادر من اسم ((الله)) و ((الرحمن)) و ((العليم)) هو معنى واحد)).
فهل تسوية كلام الشيخ بكلام المعتزلة - بعد ذلك - صحيحٌ؟!!
2 - والسؤال الآن للشيخ محمود - حفظه الله -: على أي أساس ذهب الشيخ حافظ: إلى إثبات الصفات المتضمَّنة واللازمة؟
الجواب المستفاد من كلام الشيخ محمود - حفظه الله - هو أنَّ الشيخ حافظ: قد أثبت تلك الصفات تقليداً لأئمة أهل السنة، بينما الصحيح أنَّ الشيخ: أثبتها بالقاعدة الصحيحة التي اتَّبَعها والتي تقول بأنَّ الدلالة الوضعية للأسماء ثلاث دلالات وليست واحدة، كما قال المعتزلة.
= وعلى ذلك يكون قول الشيخ محمود عبد الرازق - حفظه الله -: ((والشيخ لا يقصد مذهب المعتزلة لأنه أثبت الصفات وهم ينفونها)) غيرَ دقيق لأنَّ الشيخ حافظ: كبقية أهل السنة، خالف المعتزلة في القاعدة وبالتالي خالفهم في النتيجة. وأمَّا المستفاد من كلام الشيخ محمود - حفظه الله - هو أنَّ الشيخ حافظ: قد وافقهم في القاعدة وخالفهم في النتيجة! وهذا الكلام ظاهر التناقض، والله أعلم.
3 - ثمَّ إنَّ الراجحَ الصحيح - والله أعلم - أنَّ دلالة المطابقة أعمُّ مما ذكره الشيخ محمود - حفظه الله -؛ لأنَّها تدلُّ على الذات بما لها من صفاتٍ معلومةٍ عند السامعِ إذ الذات لا تنفك عن صفاتها. فدلالة المطابقة إذن؛ هي: دلالة اللفظ على كل معناه.
¥