تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يمكن الجمع بين النقيضين لأمر واحد. أو يتحقق إرادة واحد منهما ويمتنع تحقيق إرادة الآخر، فيكون هذا الآخر عاجزاً ليس بإله. أو لا يمكن أن تتحقق إرادتهما معاً لعجز كل واحد عن قهر الآخر، فتسقط ألوهيتهما معاً. وبهذا التقرير نتج عندهم أن الله هو وحده الخالق لكل شيء، وأنه رب كل شيء. وهذا وإن كان حقاً أن الله هو رب كل شيء وخالقه، لكنه ليس هو مضمون توحيد الألوهية الذي هو بمعنى إفراد الله بالألوهية وحده لا شريك له، وإفراده أيضاً بالعبودية التي هي معنى الألوهية. وليس هو مضمون جحد أسماء الله وصفاته كما يزعمون حين يؤكدون نفيها وتعطيلها عن الله، ويسمون ذلك توحيدا، ويزعمون أن من أثبت لله الأسماء والصفات الواردة في كتاب الله وفى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أنه مشبه ومجسم، وهم على حد قول القائل: ((رمتنى بدائها وانسلت))، فهم أهل التشبيه والتجسيم، كما هي سمة أهل التعطيل والإلحاد، وهم يسترون باطلهم بأوصاف لله تعالى مجملة، مثل قولهم: إن الله واحد في ذاته لا قسيم له، ولا جزء له، ولا بعض له … إلخ. فهو يحتمل معنى صواباً إذا كانوا يقصدون به أن الله واحد لا يجوز علية الانقسام ولا التجزؤ ولا التبعض، مع أنها ألفاظ مخترعة لم ترد في أي نص شرعي ويحتمل معنى باطلاً وهو نفى صفات الله تعالى تحت هذه الأوصاف وقد اتضح من إنكارهم وتعطيلهم لأسماء الله وصفاته، أنههم لا يريدون إلا هذا المعنى الموافق لتأويلاتهم التي يسمونها توحيداً، ويسمون من يردها مشبها ً ومجسماً وحشوياً .. الخ لأنه لم يقر بأن توحيد الربوبية هو غاية التوحيد ويستدل المؤولون من الخلف على دليل التمانع من القرآن الكريم بقول الله عز وجل: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ?. على اعتقادهم أن معنى الآية: لو كان في السموات والأرض إله يخلق غير الله عز وجل لفسدتا، فثبت أنه لا خالق إلا الله، وأن هذا هو توحيد الربوبية الذي بينه القرآن الكريم ودعا إلى تحقيقه وأنه هو دعوة الرسل. فهل أصابوا في هذا الفهم؟ الجواب: لا. لاعتقادهم أن توحيد الربوبية الذي قرروه هو توحيد الإلهية الذي بينه القرآن ودعت إليه الرسل عليهم السلام وليس الأمر كذلك، بل التوحيد الذي دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية المتضمن توحيد الربوبية، وهو عبادة الله وحده لا شريك له،فدليل التمانع قائم على أن الله هو خالق الخلق لا رب سواه، والخطأ إنما هو المتكلمين الذين جعلوه هو التوحيد الخالص، وقدموه على توحيد الألوهية استغناء به، مع إغفال توحيد الألوهية الذي خلق الله الجن والإنس لتحقيقه، وجعله احب شيء إليه، ة وبه يثيب وبه يعاقب. 4 – تعطيل النصوص عن مدلولاتها: أن كل الطوائف المخالفة لأهل السنة والجماعة لم يلتزموا بالمفاهيم الواضحة للنصوص، وإنما كان حالهم فيها مثل حال من يفسر الواضح حتى يجعله غامضاً، فهؤلاء تعمقوا في استخراج الحق الكامن خلف النصوص ثم خرجوا بعلم غزير لم يهتد إليه أحد قبلهم، لا الصحابة ولا من جاء بعدهم، بل لم يهتد إليه حتى الرسول ? نفسه، وهم وإن لم يصرحوا بذلك، لكن عباراتهم ومواقفهم تدل على هذا دلالة لا تخفى على من عرف ألغازهم في كلامهم، والمصطلحات التي تستروا بها، لدس أفكارهم الضالة حيال التلاعب بالنصوص، وإظهارها بالمظهر الذي يريدونه. إن تسلط علماء الخلف على النصوص وتحريفها عن معانيها الصحيحة لتوافق ما جاءوا به من عقائد ما أنزل الله بها من سلطان أمر معلوم لطلاب العلم. فإن هؤلاء لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من تخبطات في فهم النصوص وبناء عقائدهم، إلا على لي أعناق النصوص وزخرف الأقاويل في تأويلها، وإيراد الشبهات الكثيرة تحت اسم الأدلة القاطعة والبراهين الواضحة، وهى أسماء تخفي وراءها خداعهم لمن يعرف ما يهدفون إليه، إحياء أفكار أساطين الملاحدة والفلاسفة من اليونانيين وغيرهم. ومجمل الاعتقاد فيما تقدم في باب الأسماء والصفات، هو أن نثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته رسوله صلى الله عليه وسلم له، وأن ننفي عن الله ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم على حسب ما يأتي: نثبت لله تعالى كل الأسماء الحسنى كما قال عز وجل) ولله الأسماء الحسنى فادعوه وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ?.نثبت له كل الصفات الواردة في القرآن الكريم. نثبت أن لله في كل صفة المثل الأعلى والأكمل. الإيمان بكل ما جاء من صفات الله تعالي إلى التفصيل الذي ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية. أن نثبت معاني كل أسماء الله وصفاته، ونتوقف عن الخوض في كيفياتها، لأن الله لم يخبرنا بذلك. وأن نردد في كل صفة عبارة السلف: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة والايمان به واجب ". * * * * * * * * * * * * * * * * **

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير