تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خ - الحافظ الذهبي، قال في سير أعلام النبلاء:" يعقوب بن إسحاق ابن الصباح، الكندي الأشعثي الفيلسوف من ولد الاشعث بن قيس، أمير العرب ... كان يقال له: فيلسوف العرب، وكان متهما في دينه".

هذا من جهة إبطال قول من قال إنه ليس عربيًا مسلمًا في الأصل.

ولم يرجح الأهواني في كتابه كونه سنيًّا أو شيعيًّا وافترض كونه سنيًا ثم اعترض عليه بأن المهدي والرشيد لا يولون على الكوفة شيعيًّا وإسحاق بن الصباح كان واليًا.

والراجح لدي أنه شيعي، قال صاحب فرج المهموم أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الشيعي:" وممن اشتهر بعلم النجوم وقيل إنه من علماء الشيعة الشيخ الفاضل يعقوب بن إسحاق الكندي وصل إلينا من تصانيفه رسالته في علم النجوم خمسة أجزاء".

أما سلسلة نسبه فقد ساقها غير واحد ممن ترجم له ومنهم ابن النديم والقفطي قالا إنه:" أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكبرين الحارث الأصغر بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرقع بن كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كيلان ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان".

ومن عجيب ما يورد ها هنا أن الكندي كان يرى أن يونان المنسوب إليه اليونانيون أخو قحطان، أورد ذلك النويري في نهاية الأرب، وقال:" ورد عليه أبو العباس عبد الله بن حمد الناشئ في قصيدته حيث قال:

أبا يوسف إني نظرت فلم أجد ... على الفحص رأياً صح منك ولا عقدا

وصرت حكيماً عند قوم إذا امرؤ ... بالهم جميعاً لم يجد عندهم عهدا

أتقرن إلحاداً بدين محمد ... لقد جئت شيئاً ياأخا كندة إدا

وتخلط قحطاناً بيونان ضلة ... لعمري لقد باعدت بينهما جدا

ولد الكندي بالبصرة سنة 185 على ترجيح بعضهم ظنًا، وبها نشأ وتعلم أشياء من الأدب وعلوم الشرع والكتابة والخط ومياسير العلم، ثم انتقل إلى بغداد فتعلم الطب والفلسفة والهندسة والموسيقى والأدب وتألأيف اللحون، وطبائع الأعداد وحساب الجمل، قال الذهبي:" كان رأسًا في حكمة الاوائل ومنطق اليونان والهيئة والتنجيم والطب وغير ذلك. لا يلحق شأوه في ذلك العلم المتروك، وله باع أطول في الهندسة والموسيقى".

وكان عظيم المنزلة عند المتوكل حتى وشي به فناله بعض الأذى، ثم عظمت منزلته بعد لدى المأمون والمعتصم وابنه أحمد الذي صنف له رسالة في تلقينه فضيلة التفلسف، وسيأتي أنها تعد من أعماله في التوفيق بين الشريعة والفلسفة.

اشتهر بالبخل حتى عرف به، وري عنه من وصيته التي نقلها ابن بختويه:" قول لا، يصرف البلا؛ وقول نعم، يزيل النعم؛ وسماع الغناء برسام حاد، لأن الإنسان يسمع فيطرب وينفق فيسرف فيفتقر فيغتم فيعتل فيموت، والدينار محموم، فإن صرفته مات والدرهم محبوس فإن أخرجته فر؛ والناس سخرة، فخذ شيئهم واحفظ شيئك، ولا تقبل ممن قال اليمين الفاجرة، فإنها تدع الديار بلاقع".

وقال ابن النديم عنه:" كان بخيلًا".

وقال الذهبي:" كان متهما في دينه، بخيلا، ساقط المروءة". قلت: وهذا شأن كل من تعاطى الفلسفة والعلوم المذمومة.

عظم قدره في صناعة الفلسفة لعدة أمور، منها:

الأول: أنه أول من تكلف علمها والبحث في مسائلها، وشرح كتب رجالاتها لا سيما أرسطو، وإن كان يخالفه كثيرًا إما جهلًا بحقيقة قوله لأنه لم تبلغه من كتبه ما بلغ غيره كابن رشد وابن سينا والفارابي وأبي البركات ونحوهم من المتأخرين عنه، وإما لقناعته بما توصل إليه من حقيقة في بحث المسألة المعينة.

ولكن غالب الفلسفة الطبيعية حذا فيها حذو أرسطو، ولذا قال أحمد فؤاد الأهواني:" الفلسفة الطبيعية التي يقررها في بعش رسائله هي الفلسفة التس سادت منذ أرسطو حول عشرين قرنًا من الزمان". [الكندي فيلسوف العرب: ص306].

الأمر الثاني: سعيه في التوفيق بين الشريعة والفلسفة، وتزيينه الفلسفة في أعين الناس.

الأمرالثالث: براعته في المنطق والطب والموسيقى وفروع المعرفة الفلسفية.

الأمر الرابع: أنه فيلسوف العرب، وعروبته أصلية لسانية بخلاف ابن سينا البخاري، أو الفارابي التركي، أوالنصير الطوسي، أو ابن رشد وابن باجه وابن طفيل الأندلسيون!، وسائر الحرانيين ممن اشتهر بالفلسفة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير